كتبت: ندى علاء
يمارس المصريون عادات وتقاليد، دون أن يدركوا حكايتها وتعد جزءا أصيلا من شخصيتهم فيحتفظوا بإرث هائل من التخاريف والأساطير التى ليس لها أى أساس من الصحة ولا يتحرى قائلها الدقة أبدًا فقط ينقلها الخلف عن السلف، والشعب المصري بطبعه يقدر عاداته وتقاليده ويحترمها، ويظل متمسكا بها رغم التطور التكنولوجي الذي يحاصره من كافة الجهات ونرصد فى هذا التقرير بعض هذه العادات التى يمارسها المصريون وحفظوها من أجدادهم عن ظهر قلب.
الخرزة الزرقاء
يميل بعض الناس إلى الاعتقاد بقوى خفية شريرة تسبب لهم الأذى والضرر، لذا يلجأون إلى بعض التمائم والطلاسم والتعاويذ لدرء اللعنات والحماية منها، وأحد أشهر هذه المعتقدات وأكثرها تقبلاً وانتشاراً هو العين والحسد، و الخرزة الزرقاء، التى تبطل سحر قوى الشر الخفية.
وتمثل العين المرسومة على خرزة كروية أو مفلطحة، وغالباً ما تكون زرقاء، شكل تميمة الخرزة الزرقاء والمعروفة، التي ترمز لعين محدقة في الكون تقوم بدرء الشر وتحصن حاملها من المخاطر، واللون الأزرق يرمز للماء العذب الذي يعطي الحياة، وتختلف الروايات حول تفسير رمز الخرزة الزرقاء.
يعتقد البعض أن الشعوب السامية التي سكنت أطراف البحر المتوسط هي التي رسمت الكف التي تحمل العين الزرقاء، بهدف ترهيب الرومان الذين استعمروا بلدانهم في حقبة من التاريخ، وكان تعبير صريح عن رفضهم للمستعمر الجديد، فكانوا يحملون عصياً في أعلاها ذلك الرمز المخيف الذي يهدد باقتلاع أعينهم، أو يكتفون بإلصاقه على أبوابهم، وفي ما بعد أصبحت رمزاً للحماية من كل شر، يحملونها في أعناقهم كقلائد أو يعلقونها على جدران منازلهم..
بينما تقول بعض الروايات أن أصل الخرزة ترجع إلى القدماء المصريين، الذين كانوا يخافون من أصحاب البشرة البيضاء والعيون الزرقاء، ويرفضون وجودهم على الأراضي المصرية
وتنتشر أيضاً في منطقة الشرق الأوسط لنفس الأهداف، أي إبعاد العين والحسد وطلب الحماية من الشر، لها عدة تسميات ترتبط بالدين مثل "يد فاطمة" الموجودة في التراثين الإسلامي كما اليهودي، وحتى يطلق عليها في بعض المناطق "يد مريم" تيمناً بالسيدة مريم العذراء.
يستخدمها الأتراك في كل تفاصيل حياتهم، ويعتقدون منذ القدم بأنها ترد العين والحسد والنحس، ويتفننون في صناعتها بشكل كبير، بحيث تدخل في الكثير من البضائع وتنتشر في معظم البيوت، كما أنها تباع بعدة ألوان مثل الأحمر والأصفر والأخضر. ولع الأتراك بالخرزة الزرقاء دفع الدولة إلى اعتبارها من ضمن القيم الثقافية والتراثية وتم إدراجها في قائمة الأونيسكو باسم "ثقافة الخرزة الزرقاء".
ويؤمن البعض بكف خمسه وخميسه وارتباطه بطقوس السحرأن لكل عدد ولكل حرف خصائص ودلالات، فالعدد خمسة وكف اليد بهما ذبذبات طاقة الدفاع التي تمنع الأذى عن جسم الإنسان، أو ما يخصه إذا ما دفعت في وجه الحسود.
امسك الخشب
"امسك الخشب"، مثل شائع يتناقله المصريين لدفع الحسد عن شيئ أو شخص، دون أن يدركوا لماذا الخشب وما مدى تأثيره وقدرته فى دفع الأذى والحسد، تردده الأجيال دون معرفة قصته التاريخية، ولا يردده المصريين فقط بل الأجانب أيضاً، ونسمعه فى الكثير من الأفلام الأجنبية.
ووفقا للروايات، يعود أصل مثل امسك الخشب إلى عادة في عهد الإمبراطور قسطنطين، حيث كان المؤمنون بالمسيحية يسيرون فى مواكب عامة ويلمسون الصليب الخشبى من أجل التبرك به والشفاء، بشرط أن يتم لمسه ثلاثة مرت متتالية، وضع الصليب المركزى الخشبى فى القسطنطينية.
تحول الأمر ليصبح عادة وجزء من التقاليد أن يتم لمس أى صليب خشبى للتبرك به، وبمرور الوقت تطور الأمر ليتحول إلى عادة لمس أى شىء مصنوع من الخشب، لدفع الضرر والأذى والحسد.
وظل المسيحيون يتناقلون هذه العادة سواء العرب أو الأجانب، حتى تحولت إلى تقليد شعبى يقوم به الجميع للتحصين من الحسد، وذلك بلمس أى شيئ خشبى كالطاولة أو الكرسى.
لو الحذاء اتقلب الدنيا تتقلب
يشعر كثيرون بالتشائم من الحذاء المقلوب، ويطالبون من يشاهده في هذا الوضع بتعديله، معتقدين في معتقد توارثتها الأجيال، أن الحذاء المقلوب يجلب النحس والشؤم ويكون سبب المشاكل بين أفراد البيت الواحد، ويمنع الملائكة والبركة من دخول المنزل، وقلب النعل على هيئته، إنما هو من الأدب مع الآخرين ومنع حدوث مصائب.
الحذاء |
ويعود انتشار هذا الفكر إلى عيش الناس قديمًا في منازل ترابية، مما أدى إلى الحرص على تعديل الأحذية، لمنع زحف العناكب والعقارب، حيث أن العقارب تدخل في الأحذية المقلوبة.
كسر القلة
"اكسروا وراه قلة"، اعتاد المصريون على ترديد هذه الجملة عندما يقصدون التخلص من الشخص دون عودة، ويعود أصل حكاية تكسير القلل إلى النصف الثاني من عصر الأسرة الثالثة عشرة الفرعونية، وهو العصر الذي سمي تاريخيًا بعصر الانحطاط والاضمحلال، الذي تفتت فيه البلاد، وانتشر فيها الفساد، ولجأ المصريون القدماء إلى هذه العادة ليحل عنهم حكامهم الفاسدون، واعتاد القدماء أن يصنعوا تماثيل من الفخار تشابه هؤلاء الحكام ويكتبون عليها التعاويذ بالحبر الأحمر، ثم يكسرونها، اعتقادا منهم أن هذا التكسير الرمزي سيكسر عزائم المذكورين ويقصف أعمارهم.
وتطورت هذه العادة، في العصر اليونانى والرومانى، وأدخلوا عليها بعض التطورات ليقوموا بكسرها أيضا في جنائز موتاهم ولكن فوق المقبرة بعد أن ينتهوا من الأكل فيها ويسمونها «شقف»، والتي تعتبر من أشهرها مقابر كوم الشقافة بالإسكندرية، والتي سميت نسبة إلى الشقف المكسور.
المقص المفتوح
يرى البعض أن ترك المقص مفتوح يجلب المشكلات، أما فتحه وإغلاقه دون داعى فهو سبب لحدوث كوارث فى المكان الذى تم فيه هذا الفعل، بينما يتعامل البعض معه على أنه مصدر للحماية من الأمور السيئة والكوابيس مما يدفع المقتنعين بهذه الخرافة إلى وضعه أسفل الوسادة أثناء النوم.
المقص |
سكب الماء الساخن داخل الحمام
يعد سكب الماء الساخن فى الحمام من أكثر الأشياء التى يتشاؤم منها المصريون، خصوصا أنهم يعتقدون أنها ستكون طريقا لغضب الجن والشياطين والذى من الممكن أن ينتج عنه أذى للإنسان.
دلق القهوة خير
القهوة |
ويتعرض الكثيرون لسكب القهوة أثناء تقديمها أو يسكبها أحد الضيوف فتكون الجملة الأولى للتعليق على الموقف هى "دلق القهوة خير" التى تردد من الأقوال المأثورة و الأمثال الشعبية التى نسمعها ويعود أصل قصة المثل إلى قصر أحد الأثرياء قديمًا الذى اشتهر بتردد ضيوفه عليه من النبلاء والأغنياء، وكان لديه خادم يدعى "خير" وكان المسئول عن تقديم القهوة للضيوف، وذات مرة قام بسكب القهوة بغير قصد فلما سأل صاحب القصر رد النبلاء "دلق القهوة خير"، ولما تقدم "خير" فى العمر باتت حركته أصعب وتكرر سكبه للقهوة فكان الضيوف فى كل مرة يقولون "دلق القهوة خير" ومن هنا اشتهرت المقولة.
رقم 13 نحس
يتشائم البعض من رقم 13 ويعتقدون أن هذا العدد السبب في جلب النحس، ويختلف أصل هذا الاعتقاد حيث يعتقد البعض أن تاريخها يرجع إلى العشاء الأخير للسيد المسيح، حيث كان عدد الحاضرين 13 شخصا، وهم السيد المسيح "عليه السلام" والحواريون، وكان أحدهم "يهوذا" الذى خان السيد المسيح مقابل دراهم معدودة، ويعتقد آخرون أن السبب فى التشاؤم من ذلك الرقم راجع إلى أن عدد درجات سلم المشنقة هو 13.
اللون الأسود للقطط
للقطط |
كما ارتبط اللون الأسود للكلاب والقطط ارتباطا وثيقا بكونها يسكنها الجن والشياطين، فهذه القطة السوداء أو ذاك الكلب الأسود ما هما إلا جن متنكر داخل جسد حيوان حتى يسهل له العيش بيننا، وبسبب هذا المعتقد زرع الآباء والأمهات الخوف والكره فى قلوبنا تجاه هذه الحيوانات السوداء اللون.
ويرجع ذلك إلى أن المصريون القدماء كانوا يعبدون القطط، وكان لهم آلهة تسمى "باشت" كان رأسها رأس قطة، وكانوا يعتقدون أن لآلهتهم تسع أرواح، وحين كانت قطة سوداء تموت في مصر، كانوا يحنطون أجسادهم، فقد اكتشفت بقايا آلاف القطط السوداء فى مقبرة فى مصر، وكان قتل القطة يعتبر جرماً عقوبته الموت، وبذلك كان الناس يخافون كثيراً من القطة السوداء، وهو المعتقد الذى توارثناه حتى توقفنا عن إدراك الأسباب، إلى جانب شكلها المفزع خاصة فى الظلام.
في عصور ظلام أوروبا الوسطى ارتبطت القطط السوداء بالساحرات والمشعوذين؛ ذلك أن كل ساحرة كانت تصحب معها قطة، وهذا الأمر جعل الناس يتأكدون من اعتقادهم بأن القطة السوداء ما هي إلا جنيّ متخفٍ، وكثيرة هي القصص التي تُروى عن القطط السوداء، فها هي قصة من القرن السادس عشر الميلادي لأب وابنه كانا مسافرين، وقد مرت قطة سوداء من أمامهما، فقام الولد بقذفها بحجر، فركضت القطة بعيدًا لبيت إحدى الساحرات، وفي الصباح وجدوا الساحرة وفي وجهها كدمات، فاعتقدوا أن الساحرة كانت متشكلة في هيئة القطة وأنها جني.
البوبة رمز للتشائم
البوبة |
يرجع التشاؤم من البومة بسبب اتخاذها من البيوت المهجورة مسكنًا لها نهارًا, أما ليلًا فهي تخرج للحياة فارتبطت رؤيتها بالليل والظلمة, علاوةً على ذلك فهناك بعض المعتقدات الأسطورية والتي تقول بأن بعض أرواح الموتى تظهر في شكل بومة لتنتحب على جثثهم المدفونة في المقابر.
الغراب رمزا للنحس
يعود التشاؤم من الغراب إلى قصة قابيل وهابيل عندما قتل قابيل أخيه ظهر الغراب ليعلمه كيف يواري سوءة أخيه حيث كان الغراب يدفن غرابًا آخر قد فارقته الروح لهذا كان الغراب رمزًا للموت والدفن فتشاءمت منه الأنفس.
الغراب |
تعددت المعتقدات التى لا يزال يؤمن بها المصريون والتى لا يمكن حصرها في تقرير واحد، ولكن مع كثرة تلك المعتقدات لم نعثر على أصل تلك المعتقدات أو حتى فوائدها على حياة الإنسان، فهي ككل الأساطير التي تناقلتها الأجيال أباً عن جد وتحولت إلى عادات وتقاليد مع مرور الوقت من دون وجود دليل وإثبات. وتؤمن بها الشعوب حتى ولو كانت غير مرتبطة بالدين بشكل مباشر، بهدف إشعار نفسه بالطمأنينة والراحة.