وزيرة الهجرة |
حوار: أحمد حسن، سها صلاح، كرستين عوني، وسام عمرو
"ضحايا ومفقودون جراء غرق إحدى قوارب الهجرة غير الشرعية"، كثيرًا ما نسمع ونشاهد تلك الأنباء في حياتنا من حين للآخر، فضلًا عن القصص التي تُروى لنا من أشخاص كادوا يُنهون حياتهم لمجرد تمسكهم بفكرة، فكرة واحدة قد تؤدي بك للهلاك، اعتقادًا منهم بأن ما يوجد وراء البحر لا يوجد له مثيل وأنهم سينالون كل متطلباتهم في الحياة.
وتتفاوت هذه الظاهرة بين ارتفاع وانخفاض فلا يوجد لها قاعدة ثابتة، ولكن من المؤكد أنها تشكل خطرًا حقيقيًا على الجميع، فهي محاولة يائسة للهروب من الواقع ورحلة محفوفة بالمخاطر.
قد تكون هذه الفكرة صحيحة أو مغلوطة، وكما يقولون "ذو الخبرة يعرف أكثر من العراف" فمعرفة الحقيقة تتطلب منك الاستماع لأصحاب الخبرة والتخصص بهذا الشأن، والاستناد على آرائهم ونصائحهم لتصحيح الأفكار الخاطئة التي نؤمن بها، لهذا توجهنا للسفيرة الدكتورة سها الجندي، وزيرة الهجرة وشئون المصريين بالخارج، لنتناقش معها في عدة محاور أهمها مبادرة الوزارة الجديدة "مراكب النجاة" والإجراءات التي تتخذها للحد من ظاهرة الهجرة غير الشرعية، وكيفية تصحيح تلك المفاهيم المنتشرة بين المصريين وخاصة فئة الشباب، لم نتوقف في الحديث معها عند ذلك الحد بل امتد لكيفية اهتمام الوزارة بالجاليات المصرية بالخارج.
- في البداية، هل تشجع الدولة المصرية على الهجرة بصفة عامة؟
أجابت الجندي: "بالتأكيد لا نعارض رغبات الشباب في العمل بالخارج أو الهجرة، بإعتبارها حق من حقوق الإنسان ولكننا نسعى لتوفير الفرص الآمنة وتأهيل وتدريب الشباب ثقافيًا وفنيًا وفقًا لما يحتاجه سوق العمل الأجنبي"، وأكملت، "لذلك دور وزارة الهجرة هو التوعية بأضرار الهجرة غير الشرعية التي تؤدي إلى فقد الشباب لحياتهم ويتلاعب بهم تجار البشر.
فريق تحرير وعي مع وزيرة الهجرة |
- وعن الهجرة غير الشرعية، ما هي المبادرات التي قامت بها الوزارة للحد منها؟
أوضحت الجندي في هذا الصدد، أن المبادرة الرئاسية "مراكب النجاة" تُعتبر من أهم الملفات التي تعمل عليها وزارة الهجرة، وذلك تنفيذًا لتكليفات وتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس الجمهورية، للتوعية بمخاطر ظاهرة الهجرة غير الشرعية، مشيرًة إلى أنها التقت بمختصين بالهجرة والتعاون في مجال مكافحة الهجرة غير الشرعية من الداخل والخارج، بما يخدم شبابنا بالخارج، والشباب بالقرى المُصدرة للهجرة غير الشرعية، وأيضًا تطوير برامج التوعية والتثقيف التي يتم تنفيذها، وتوفير تدريب مهني بالقرى المصدرة لهذه الظاهرة في إطار المبادرتين الرئاسيتين "حياة كريمة" و"مراكب النجاة".
وأضافت، "هناك محافظات تعتبر أساس الهجرة غير الشرعية ومنها المنوفية والشرقية وأسوان، وقُمت بعدد من الزيارات الميدانية لهم في إطار المبادرة للتوعية بمخاطرها، وجار التحضير لزيارات أخرى لباقي المحافظات".
وأكدت أن الوزارة تعمل على التوسع في المبادرة الرئاسية "مراكب النجاة" بتعزيزها بعناصر ومحاور جديدة، إضافة إلى جهود المركز المصري الألماني للهجرة والوظائف وإعادة الإدماج في ضوء التعاون مع الوكالة الألمانية للتعاون الدولي GIZ، وكذلك الخطة المستقبلية لافتتاح 7 مراكز تدريب جديدة بالمحافظات الأكثر تصديرًا للهجرة غير الشرعية بالوجه البحري، في إطار خطة تأهيل وتدريب الشباب لإعدادهم لسوق العمل المحلي والدولي.
- وماذا عن تأثير تلك المبادرات التي تقوم بها الوزارة؟
أجابت بفخر، بالتأكيد الزيارات التي نجريها في المحافظات والقرى الأكثر تصديرًا للهجرة غير الشرعية مؤثرة للغاية لأن الناس يرون المسؤول أو الوزير يتجه إليهم في قراهم وأماكنهم حتى يتحدث إليهم بنفس الطريقة التي يتحدثون بها ويتشاور معهم ويستمع إليهم، وبالتالي كل هذه الأمور تؤثر بالإيجاب على قرار الأبناء والأسرة في ظاهرة الهجرة غير الشرعية.
مؤكدة أن الدولة المصرية ممثلة في وزارة الهجرة والجهات المعنية بالهجرة وخاصًة الهجرة غير الشرعية تسعى جاهدة للحفاظ على أرواح شبابها وقالت: "كل ذلك ينعكس على سياسات وجهود وإجراءات كثيرة تعمل عليها وزارة الهجرة مع الجهات المعنية حتى تصل رسالتنا وحملات التوعية التي نقوم بها بشكل مباشر وبشكل غير مباشر لكافة الجهات المستهدفة، والأساس في كل هذا هو الحفاظ على أبنائنا من المجهول ومخاطر الهجرة غير الشرعية والإتجار بالبشر".
- وكيف يتم الاستفادة من عقولنا المهاجرة بالخارج وربطهم بالوطن؟
"خبراؤنا وعلماؤنا بالخارج هم وجه مشرف لمصر في كل المحافل الدولية"، هكذا قالت وزيرة الهجرة، وأضافت، القيادة السياسية تؤكد دائمًا أن العلماء جزءًا أساسيًا وقاطرة تدفع بعملية التنمية في مصر وعمود فقري لكافة المشروعات القومية الكبرى، إذ يحرص الرئيس عبدالفتاح السيسي على وجود مجلس للعلماء المصريين كمستشارين علميين له ولمؤسسة الرئاسة بإعتبارهم القاطرة الأساسية للدفع بعملية التنمية في الجمهورية الجديدة.
وتعمل وزارة الهجرة على ربط علماء مصر فى الخارج ببلدهم الأم من خلال سلسلة المؤتمرات المتخصصة "مصر تستطيع" التي نظمتها الوزارة لتدعم جهود التنمية وفقًا للأولويات الوطنية بقطاعات التعليم والاستثمار والمياه والزراعة ومشاركة المرأة بالتنمية بهدف وضع وتحديد آليات تنسيق دائمة بين الوزارات والجهات المعنية في الداخل والخبراء والكوادر المصرية في الخارج ونتج عنها العديد من المشروعات بمشاركة العلماء والخبراء المصريين فى الخارج، ودشنت وزارة الهجرة 6 نسخ من سلسلة مؤتمرات "مصر تستطيع" وسوف تأتي النسخة السابعة القادمة من المؤتمر للتركيز على الصناعة والتجارة في إفريقيا لنتعاون معًا في سبيل إنجاح القارة ودعم التنمية فيها.
- وفي رأيك، هل العمالة المصرية بحاجة لتدريب وتأهيل بشكل أكبر؟
أشادت الجندي بالعمالة المصرية وخاصًة الحرفية، وقالت أنها من العمالة المتميزة والماهرة في تخصصها، مؤكدًة أن العمالة المصرية ذات سمعة جيدة لأنها تندمج في المجتمعات وتحترم ثقافات البلد المضيف، ولذلك حرصت الوزارة على البدء في تدريب وتأهيل الشباب قبل السفر، وعلى سبيل المثال فإن المركز المصري الألماني للتوظيف والهجرة وإعادة الإدماج يقدم دورات متخصصة للشباب في العديد من المجالات، سواء التدريب المهني والحرفي والتعريف بثقافة البلد المضيف، بجانب إطلاق فروع للمركز في المحافظات المصدرة للهجرة غير الشرعية.
- وماذا عن آليات التواصل مع الجاليات المصرية بالخارج؟
أشارت سها الجندي، إلى أن وزارة الهجرة تناقش بشكل دوري خطط العمل المستقبلية وأبرز الملفات ضمن استراتيجية العمل 2023-2024، حيث إن التواصل مع المصريين بالخارج، على اختلاف فئاتهم، بشتى السبل الممكنة، يُعد من أعمدة وزارة الهجرة، وهذا يتجلى في مبادرة "ساعة مع الوزيرة"، والتي تُعقد أسبوعيًا، للقاء الجاليات المصرية بالخارج، وعرض المحفزات التي تقدمها الوزارة لهم وحل مشكلاتهم، والاستماع لمقترحاتهم في مختلف المجالات، للعمل على حلها بمختلف الوسائل، بالتنسيق مع وزارات ومؤسسات الدولة المصرية كافة، كما أن الوزارة حريصة على ربط المصريين بالخارج بالوطن، وإشراك ممثلي مختلف الجهات المعنية للرد على استفسارات المصريين بالخارج.
وتابعت، كل هذا بجانب حرص الوزارة على زيارة الجاليات المصرية بالخارج في أكبر تجمعات في المملكة العربية السعودية والإمارات للاستماع لكافة المطالب والمقترحات وطرح مختلف المحفزات والتيسيرات التي نفذتها الوزارة للمصريين بالخارج، ومن خلال مكتب الشكاوى وإدارة الاتصال، تتابع موقف المصريين بالخارج على مدار 24 ساعة، لحل مشكلاتهم، والوقوف بجانبهم في الأزمات، بجانب منصات التواصل الاجتماعي ومجموعات العمل التي تتفاعل مع المصريين بالخارج، وننشر كل ما يتعلق بخدمة المصريين بالخارج، سواء في التعليم، الاستثمار، الإسكان، التأمينات، الجمارك، وغيرها.
- وكيف تتعامل الوزارة مع الأزمات التي يمر بها أبناء مصر في الخارج وآخرها الحرب الأوكرانية وزلزال تركيا؟
أفادت الجندي أنه منذ ظهور بوادر الأزمة، حرصت وزارة الهجرة على المتابعة المستمرة والتنسيق مع وزارات ومؤسسات الدولة المعنية، حيث وجهت القيادة السياسية كافة الأجهزة المعنية لمتابعة موقف المواطنين بأوكرانيا، بجانب انعقاد غرفة العمليات بالوزارة، وأعربت عن حرصها الشديد على التواصل ومتابعة الموقف في العديد من المدن الأوكرانية، بالتواصل مع ممثلي الجالية المصرية في أوكرانيا، وممثلي مركز وزارة الهجرة للحوار.
وأكملت في حديثها، مع اشتداد الأزمة حرصنا على التنسيق مع وزارة الخارجية لتوفير طرق آمنة لخروج أبنائنا في مناطق النزاع، والتنسيق لعودة أبنائنا من أوكرانيا إلى أرض الوطن، وكذلك التنسيق مع وزارة التعليم العالي لإتاحة التحاقهم بالجامعات الأهلية والخاصة بعد اجتياز اختبارات القبول، ومعادلة الشهادات وإجراء اختبارات للالتحاق بالجامعات في مصر لاستكمال دراستهم، واستقبال 3 دفعات مختلفة، بجانب التنسيق لضمان سلامة أبناء الجالية المصرية في أوكرانيا، كما كان هناك عدد كبير من المصريين توجهوا منذ بداية الأزمة إلى دول مثل بولندا ورومانيا والسويد وألمانيا وغيرها من دول الجوار، والتي حرصنا على التنسيق معها لضمان سلامة أبنائنا.
- هل للمصريين بالخارج تأثيرات إيجابية على الاقتصاد الوطني وخاصًة أثناء الأزمة الاقتصادية التي يمر بها العالم؟
"المصريون بالخارج معدنهم نقي وبتظهر أصالتهم وقت الشدة" هكذا تحدثت وزيرة الهجرة بصوت يملؤه الفخر بشباب مصر، مشيرة إلى أن تحويلات المصريين بالخارج تأتي ضمن المراتب العشر الأولى عالميًا، مؤكدة أن هذه التحويلات يتم ضخها في شرايين الاقتصاد الوطني، بجانب توفير العملة الصعبة اللازمة لتلبية احتياجاتنا، موضحة أن المصريين بالخارج في مختلف المحافل يحرصون على المساهمة في جهود التنمية، سواء بضخ استثمارات في مجالات مختلفة، أو المساهمة في تنمية المجتمع المحلي وخدمة المجتمع بالمحافظات الأكثر تصديرًا للهجرة غير الشرعية، وقد لمسنا ذلك الدعم في مبادرات مختلفة بجانب دعم شباب الجيلين الثاني والثالث لجهود التنمية، ومن بينها تقديم دعم بنحو 3 ملايين جنيه لصالح المبادرة الرئاسية حياة كريمة.
- وكيف تحاول الدولة جذب الاستثمار والمستثمرين من الخارج والاستفادة منهم؟
أكدت الجندي أن وزارة الهجرة تعمل على الكثير من الملفات، منها ملف الاستثمار، لأن الاستثمار أحد أوجه أشكال الاهتمام بأبناء مصر فى الخارج، من حيث دراسة احتياجاتهم ومتطلباتهم للدخول للسوق المصرية من خلال وزارة الهجرة، موضحة أن اسهامات المصريين بالخارج في الاقتصاد المصري لها أهمية كبيرة بدليل ارتفاع التحويلات للمصريين بالخارج لتصل في عام ٢٠٢١ إلى أن تكون مصر من أعلى الدول على مستوى العالم بالنسبة للتحويلات.
وقالت أنه يتم العمل بالتعاون مع كافة الوزارات والجهات المعنية واتخاذ العديد من الإجراءات والخطوات التنفيذية في هذا الشأن، حيث تم العمل على إنشاء شركة استثمارية للمصريين بالخارج تتضمن مختلف الأنشطة الاقتصادية، عقب عرض المقترح على رئيس مجلس الوزراء، والذي أصدر توجيهاته بالتنسيق والعمل على الفور لتأسيس الشركة والتي كانت من ضمن التوصيات والطلبات التي تلقتها خلال المؤتمر الثالث للكيانات المصرية بالخارج في أغسطس الماضي، كما تم عقد العديد من اللقاءات مع المسئولين والوزراء لمناقشة الطرح الأمثل لإنشائها وكذلك لقاء مستثمرين مصريين بالخارج، والنقاش حول أفضل المجالات التي يرغبون في الاستثمار فيها، هذا بالإضافة إلى التعاون مع الخبراء والمستثمرين المصريين بالخارج، والسعي للخروج بهيكل إداري وتنفيذي من المساهمين وخطط الوزارة لتذليل أي عقبة تواجهها لتحمل الشركة شعار "من المصريين للمصريين"، بجانب بحث إنشاء صندوق استثماري، يستهدف دمج المستثمرين بالخارج في المشروعات القومية.
وقالت الجندي، طرح البنك الأهلي المصري وبنك مصر شهادة دولارية استثمارية بعائد عالٍ، عقب لقاء مع حسن عبد الله محافظ البنك المركزي وعرض مطالب المصريين بالخارج عليه، حيث تم طرح الشهادة الذهبية الجديدة لمدة 3 سنوات بعوائد تصل إلى 5.30% سنويًا، والعائد على شهادة أهل مصر الدولارية ذات أجل ٥ سنوات، والذي يصل إلى 5.15% سنويًا، كما يمكن شراء شهادة أهل مصر الدولارية بآجال 7 سنوات بدءا من 1000 دولار أمريكي أو مضاعفاتها بعوائد تصل إلى 5.05% سنويًا.
- تعد المبادرة الرئاسية "اتكلم عربي" ذات أهمية قصوى لأبنائنا بالخارج، ما آخر تطورات المبادرة؟
أشارت وزيرة الهجرة إلى أن المبادرة تهدف إلى تعزيز الوعي والإنتماء لدى أبناء المصريين بالخارج، ودشنت الوزارة في المرحلة الأولى من المبادرة صفحات عبر منصات التواصل الاجتماعي لعرض المواد التوعوية الخاصة، ثم إطلاق تطبيق "اتكلم عربي" عبر الهاتف المحمول لتعليم اللغة العربية عن طريق رحلة في معالم خريطة مصر، ويكون ملائم للأطفال من سن ٥ إلي ١٢ سنة، وغيرها من أليات التنفيذ.
وأوضحت أنه حاليًا يتم العمل على المبادرة الرئاسية "أتكلم عربي" كما تم إطلاق المرحلة الثانية منها باسم "جذورنا المصرية " لتوعية أبناء مصر بهويتهم وتاريخهم العظيم وتعريفهم باللغة العربية حيث تركز الفعاليات الجديدة على الإحتفاء بالشخصية المصرية وجذورها المتنوعة، ويتم التعاون مع وسيم السيسي، عالم المصريات لإحياء تراثنا الحضاري، حيث أن الحضارة المصرية القديمة ستظل مصدر إبهار للعالم كله، بما تكشفه كل يوم من كنوزها، فى كل المجالات.