فريق وعي مع هاني قسيس |
حوار: أحمد حسن، كرستين عوني
"عُقدة الخواجة" ربما تكون السر وراء لهفة البعض لشراء المنتج المستورد حتى مع وجود بديله المصري، وأحيانًا تزيد لتدفع صاحبها لشراء منتج ما حتى وإن كان أقل في الجودة لمجرد أنه يحمل علامة تجارية أجنبية. وعلى الرغم من وجود العديد من الشركات المصرية الناجحة التي استطاعت أن تبني سمعة طيبة في مصر وبدأت في تصدير منتجاتها للخارج إلا أن هذه العقدة لا تزال متأصلة في البعض. لذا قررنا أن نعرض لكم اليوم نموذج لشركة مصرية ناجحة استطاعت أن تغزو بمنتجاتها السوق الأوروبي لنصصح من خلالها بعض الأفكار المغلوطة عن المنتج المصري وجودته.
في البداية، حدثنا عن بداية مينترا؟
لمعت عيون هاني قسيس، رئيس مجلس إدارة شركة مينترا، وقال هي شركة تم تأسيسها عام 1989م، وهي شركة عائلية، بدأت بمنتجات مثل التجليد والتغليف والورق ثم تعددت المصانع وأخذت مني تلك الرحلة حوالي ٣٥ سنة من عمري، وعزمنا على تصدير تلك الأدوات المكتبية، حتى وصلت منتجاتنا وبالأخص الـ"كراسات" لحوالي ٢٪ من إجمالي "الكراسات" في العالم، وبعدها جاء مصنع البلاستيك وتصنيع الأثاث ثم مصنع المفروشات المنزلية، وأخيرًا خط إنتاج الأحذية الرياضية.
هاني قسيس |
إن طموح الشركة كان ينمو مع الوقت، والطلب على المنتجات مثل "الكراسات" والمفروشات لم يَعُد مثلما كان فبالتالي كان علينا أن نفكر في الجديد حتى نواكب تطورات العصر، ووجدنا أن "الأحذية الرياضية" هي المنتج الأعلى مبيعًا في العالم في الفترة الأخيرة؛ فهي تأتي في المرتبة الثانية بعد الأدوات المنزلية.
وحسب التقرير الصادر عن المجلس التصديري للجلود والأحذية فارتفعت واردات مصر من الأحذية بنسبة 12.3% خلال 2021، لتسجل 129.152 مليون دولار.
وأضاف بصوت شغوف، إن الغرض الأساسي من كل ذلك هو الحُلم الخاص بتنمية الدولة والعمل على تنمية اقتصادها والإيمان بضرورة العمل من أجل تنمية مستدامة.
هل واجهت الشركة معوقات خاصًة في التصدير للخارج؟
"البيزنس هو عبارة عن مجموعة من المعوقات والنجاح يكمُن في حلها"، هكذا أجاب قسيس، وأوضح أنه يوجد صعوبات داخلية وخارجية بالطبع، ولكن حتى تستطيع التصدير للخارج يجب أن يتوافر لديك عامل مهم وهو إتاحة المنتجات والسلع بوفرة، فالسوق العالمي يحتاج كمية إنتاجية كبيرة للغاية.
وما المساعدات التي تقدمها الدولة لدعم الشركة في عملية التصدير للخارج؟
أجاب قسيس، من المفترض ألا تقدم لك الدولة أية معوقات، وهذا هو الدعم في حد ذاته، وأضاف" يجب على الدولة أن تساعد عشرات آلاف المشاريع مثلنا وتعمل على تنميتها؛ لأن المصلحة مشتركة، فالدولة تهدف أيضًا لتحقيق التنمية المستدامة ".
وعن الدول التي تصدر لها "مينترا" فقال " إننا نصدر منتجاتنا للسوق الأوربية والعديد من الدول الإفريقية والعربية، ولكن بشكل أساسي أكبر صادرات لنا في العالم هي في الولايات المتحدة الأمريكية لأنها الأعلى استهلاكًا في العالم وتأتي أوروبا في المرتبة الثانية، ونعمل حاليًا على ضم السوق الياباني.
مينترا |
وكيف استطاعت مينترا أن تنافس المنتجات العالمية؟
المنافسة تشمل عدة جوانب، فأولًا يجب أن يكون سعر المنتج أرخص من المنتجات الأخرى، وأيضًا أن تكون الجودة عالية، فإذا لم تكن أفضل من تلك الشركات العالمية فمن المهم أن تكون على نفس أداء تلك الشركات على الأقل.
وهل تغلبت "مينترا" على عقدة الخواجة؟
تعجب قسيس قائلًا أن "مينترا" لم تواجه هذه العقدة، ولكن الأمر كله يقتصر على شهرة العلامة التجارية، حيث يوجد العديد من المنتجات التي تُصنع داخل مصر وتكون بجنسية "أمريكية" على سبيل المثال، وكل ما يصلنا من ردود أفعال عن منتجاتنا المصرية فإنها تضاهي تلك الشركات العالمية.
وأردف، على عكس ما هو سائد وإيمان الجميع بأن هناك "عقدة الخواجة" لدى المصريين؛ فالمشكلة ليست في المستهلكين ولكنها في "الإتاحة"، فإذا توفرت المنتجات وبكميات كبيرة هذا سيقلل من فرصة تواجد الماركات الأجنبية والإقبال عليها.
وأكد "عُقدة الخواجة" موجودة في مصر وخاصًة في عمليات البيع والشراء لأن الخواجة متواجد والمصري غير متواجد، والمنتج المستورد متوافر بكثرة في الأسواق المصرية.
منتجات أحذية |
وماذا عن شعار "ألبسها مصري" الذي أطلقته مينترا على الأحذية الرياضية؟
أجاب قسيس بصوت فخور، نحن شركة عالمية مصرية نصدر منتجاتنا في العديد من دول العالم، وهذا الشعار يشجع على "الاستدامة"، فأنت عندما تشتري المصري، فإنك تقوم بتشغيل العامل المصري، وأيضًا تشجع بلدك على الاستغناء عن الاستيراد، وناشد المصريين قائلًا، "أنتم كمواطنين مصريين لديكم جزء من المسئولية في هذا الأمر".
أرى أنه من العيب أن يكون هناك لاعبًا للمنتخب المصري أو لاعب يمثل مصر في الأولمبياد أمام العالم، ويظهر بحذاء لشركة "أمريكية" أو غيرها، ذلك هو جزء من الهوية المصرية فيجب أن نعتز بها خاصًة في المحافل الدولية.
ويجب أيضًا على المواطن المصري أن يكون يقظًا ويساهم بدوره في شراء المنتجات المصرية، ويكون حريصًا على أمواله وينفقها في المكان الصحيح.
هل يوجد عقود رعاية مع الرياضيين المصريين لتشجيعهم على المنتج المصري؟
نحن لا نقوم بعقود الرعاية مثل التي تقوم بها الشركات العالمية لأنها تكون مُكلفة للغاية، كما أنه ليس من أولوياتنا هكذا قال قسيس، وأضاف نحن نرعى اللاعبين المجتهدين، ونركز على كل المشروعات التي لديها أملًا في التطور، ونهتم بأصحاب الهمم الحاصلين على البطولات والممثلين لمصر في الخارج، ولكن لا يوجد أي مانع إذا رغب أحد الرياضيين المصريين المشهورين بالخارج بإرتداء منتجاتنا كنوع من الدعم لنا، سنرحب بذلك بالطبع.
أحذية |
كيف نشجع المنتج المصري من وجهة نظرك؟
أفاد هاني قسيس أنه يتم ذلك من خلال استهلاك المنتج المصري، فيجب أن تكون المصانع المصرية متواجدة دائمًا في الصورة، وإذا قلل المستهلك من الاعتماد على المنتج المستورد مقابل اعتماده على المنتج المحلي؛ فمن المؤكد أننا سنعيش حياة أفضل، وأضاف بصوت غاضب نحن نستورد كل شيء من الخارج حتى المياه، أعتقد أنه لا يوجد أي شعب في العالم يفعل ذلك.
ما النصائح التي يمكن أن تقدمها للشباب لتوعيتهم بأهمية استهلاك المنتج المصري؟
أوضح أنه يوجد نظم استهلاكية معينة يجب أن نتبعها لحل تلك المشكلة، فيجب أن نخاف على إمكانياتنا فالأموال ليست متجددة، فنحن دولة استهلاكية للغاية، ويجب التوعية بأهمية ذلك.