الغرب أرض الأحلام للمصريين |
كتب: أحمد حسن وكرستين عوني
"حب الوطن شيء جميل، لكن لماذا يجب أن يتوقف الحب عند الحدود؟" مقولة قالها الموسيقي الإسباني بابلو كاسالس، وهي تُعبر عن أن حب الوطن يخترق الحدود فأينما كُنا فالحنين لأوطاننا يخترق قلوبنا، ولكن هل هذا الحب يمنع الشباب من طموحهم للعمل بالخارج؟ الحقيقة هي لا، فكم من مصري سافر وترك بلاده حتى يحقق طموحاته، الأعداد كبيرة وخاصًة في أثناء المرحلة الجامعية أو ما بعدها.
في هذه المرحلة، يطمح الشباب للوصول إلى المثالية، والتي غالبًا تكون في أذهانهم في مكان آخر غير مصر، وبالطبع لا أحد ينظر إلى السلبيات أو الصعوبات في الحياة بعيدًا عن الوطن فهم فقط يركزون على النقاط الإيجابية التي ستجعلهم يعيشون حياة أفضل، والبعض منها يكون صحيح ولكن البعض الآخر يكون خاطئ، لكنه يظل غامض بالنسبة له حتى يصل على أراضي الوطن الجديد.
الواسطة تدفع الشباب للخارج
وتتنوع الأسباب للهجرة فالبعض يتمنى الحرية، وآخرون يرغبون في فرص عمل، وفي هذا الصدد قال مينا زكريا، طالب بكلية طب الأسنان، أنه يرغب في السفر إلى دولة ألمانيا، وذلك لعدة عوامل أهمها؛ توافر الاهتمام والتقدير الكاف للأطباء، وهو ما يتناسب مع تخصصه، بالإضافة إلى حصولهم على راتب أفضل ورعاية مناسبة وتأمين على حياتهم، فالفرص تكون أكبر والعمل هناك يعتمد على المهارة لا "الواسطة".
واتفق معه عمار محمد، طالب بكلية الإعلام، بشأن التأثير السلبي لوجود الوسائط بسوق العمل، فهو يخطط للسفر لدولة السويد وذلك لاهتمامها وتطورها في مجال الإعلام، وقال "الفرصة في مصر هتيجي متأخر أوي بعد ماهتكون ضيعت على نفسك حاجات كتير"، مشيرًا إلى أنه بالرغم من وجود العديد من المميزات للهجرة فإن هناك ضريبة يدفعها كل من يتخذ هذا القرار، والفرد وقتها لابد أن يستغني عن العديد من الأشياء المهمة في حياته منها فكرة الزواج؛ وذلك إما لأسباب تتعلق بمخالفة عاداتنا وتقاليدنا وتعاليم الشرع، وإما لأسباب أخرى تتعلق بإختلاف طباعنا عن الغرب.
وعقب عمار قائلًا "أي حياة خارج مصر ستكون حياة مثالية، ولكن الشباب المصري لديه مفهوم خاطئ عن هذه الحياة، فهم يعتقدون أن أساسيات الحياة كالسكن والسيارة والزواج هي الحياة المثالية، بينما ذلك يُعد أمرًا طبيعيًا في معظم دول العالم".
ومن جانبه علق أحمد عاطف، خريج كلية التجارة، على سوق العمل المصري قائلًا "أرغب في السفر إلى دولة إسبانيا، فإن المجهود المبذول هنا لا يتناسب مطلقًا مع العائد المادي"، موضحًا أن ما يعطله عن السفر هو تعلقه بأهله، ومن الصعب الاستغناء عن روتين الحياة بأكمله ولكن الاستمرار في الوضع السيئ هو الخسارة الأكبر، مؤكدًا أن السفر ليس أمرًا إجباريًا ولكنه شيء لابد منه الآن.
الظروف الاقتصادية بين مصر والغرب
واتضح أن العديد من طلاب الكليات الطبية يفكرون في الهجرة، حيث ذكرت مورين أيمن، طالبة بكلية العلاج الطبيعي، "الطب بره بيحترموه أكتر من هنا مش مجرد خدمة أو بهدلة، عايزة أسافر كندا أو أمريكا"، وأوضحت أن الأسباب التي تدفعها للخارج في الأساس هي ارتفاع الأجور في الخارج وذلك حتى بعد الظروف الاقتصادية التي يمر بها العالم حاليًا، فضلًا عن رغبتها في الحصول على مساحة أكبر من الحرية لها كإمرأة، والتي لا تتمتع بها في مصر على قدرٍ كافٍ، بجانب تأثرها بتجارب شخصية سارت على نفس الطريق ووصلت الآن لنجاحات كبيرة في حياتهم
الغرب أرض الأحلام للمصريين |
أزمة حديثي التخرج
وتحدث محمد أسامة، طالب بكلية الإعلام، عن رغبته بالسفر لأمريكا؛ وذلك يرجع لأنه عاش بها أكثر من 10 سنوات في طفولته وبالتالي فهي بمثابة بلده الثاني، ولم يكن ذلك هو السبب الوحيد، بل أوضح أن الشباب حديثي التخرج في مصر لا يتقاضون رواتب مجزية خاصًة في المجال الصحفي، وفرصة الإبداع خلال العمل في مصر تكاد تكون محدودة على عكس أوروبا، كما يرى أن الحريات مثل حرية الرأي في مصر مقيدة بشكلٍ كبيرٍ وهو ما يؤثر بدوره على جميع جوانب الحياة.
وأضاف، "أعتقد أن المصريين يركزون على السلبيات الموجودة في المجتمع ويهملون الإيجابيات، وفي نفس الوقت يهتمون بالإيجابيات الموجودة بالخارج ويهملون السلبيات، ذلك فضلًا عن الصورة التي تنقلها لنا الدراما التلفزيونية في الخارج التي توهم الناس بأن هذا هو الشكل النموذجي للحياة المثالية".
أما عن كيرلس رأفت، خريج كلية الصيدلة، فلم يختلف معه، فرغبته أيضًا تأتي من قلة فرص العمل المتاحة في مصر، ويرى أن العالم والطب في تقدم ونحن لا نزال ثابتين في مكاننا، على عكس كندا وأستراليا وإنجلترا على سبيل المثال وأردف: "أدرك صعوبة السفر ولكن مهما كانت صعوبته فتلك الدول على الأقل تقدر الإنسان، وبالتالي كل من يعمل يحصد نتيجة عمله".