كتبت: سارة
عبدالحميد وكرستين عوني
"إسأل مجرب ولا تسأل طبيب" هذه
المقولة تسببت في تفتيت أسر ومجتمعات، وجعلتنا ننساق وراء شائعات كثيرة دون التأكد
من صحتها، وذلك فقط لأن البعض من الآباء أو الأجداد أو المعارف قاموا
بنفس ذات التجربة ولم يحدث لهم أية أضرار، لكن هل عدم حدوث أضرار لهم يجعل الأمر
صحيحًا؟
الختان يسبب
الوفاة
تُعتبر عملية الختان من أبرز العادات
التي تم توارثها عبر الأجيال دون معرفة مصدرها، وفي هذا الصدد قالت نادين علاء، أستاذ أمراض النساء والتوليد
بمستشفى القصر العيني بجامعة القاهرة، عن عملية الختان التي يقوم بها الوالدان لبناتهم
معتقدين أنهم بذلك يدفعون الضرر عنهن، وأيضًا يجعلوهن أقل عرضه للتفكير في الأمور
الجنسية، "أن الأفكار الخاطئة تأتي من المخ وحده، والأعضاء التناسلية ليست
لها علاقة بالأمور الجنسية وزيادة الرغبة، فالرغبة تأتي من المخ".
وأوضحت "علاء" أن هناك العديد من الأفكار الطبية الموروثة تدمر أسر بأكملها، فالعديد من الإناث اللاتي تم ختانهن توفاهم الله بسبب تعرضهن لنزيف شديد، وذلك لأن في هذه العملية يقومون بقطع جزء من الأعضاء التناسلية والذي يحوي العديد من الأوردة والشرايين، بالإضافة إلى أنه عند إزالة جزء من الأعضاء التناسلية، فإن ذلك يتسبب في عدم الشعور مما يؤدي فيما بعد إلى ارتفاع نسبة المشاكل الأسرية وزيادة معدلات الطلاق وذلك لأن الفتاة لا تشعر بإشباع أثناء العلاقة الزوجية، مؤكدة أنها رأت العديد من حالات الطلاق تحدث بسبب هذا الأمر.
وذكرت نادين أن هناك أنواع مختلفة من عمليات الختان، وعلى وجه الخصوص هناك نوع يتسبب في إعاقة عملية الولادة، مضيفة أن هذه العملية غير مقتصرة على الوطن العربي فقط ولكنها أيضًا موجودة بدول أوروبا ولكن بشكل مختلف، وهي منتشرة في قارة أفريقيا، مشيرة إلى أنه إذا تمت عملية الختان فلا يمكن إعادة وظيفة الأعضاء كما كانت من قبل، ولكن يمكن تجميل الشكل الخارجي.
الموروثات
تتعلق بالثقافة وليست الدين
وأضافت "علاء" أن موضوع
الختان له علاقة بالثقافة أكثر من الدين، فإذا تحدثنا عن الإسلام نجد أن الرسول ﷺ لم
يختن بناته، والسعودية وتركيا، وهم من أبرز الدول الإسلامية، لا يوجد بهم ختان،
وأيضًا الدين المسيحي لا يوجد به ختان، فالأمر كله يعود للموروثات الثقافية
الخاطئة.
وشددت نادين أنه لا يوجد أي سبب طبي يستدعي إجراء هذه العملية، لأن تعريف الختان هو "عملية نقوم بها لقطع أو إزالة جزء من الأجزاء التناسلية الخارجية للمرأة بدون وجود سبب طبي"، فإذا وجد السبب الطبي فلن تسمى عملية ختان، وأشارت أنه لا يمكن المقارنة بين ختان الإناث وطهارة الرجل، لأن طهارة الرجل تعود إلى أمور طبية.
غشاء البكارة
وكشف العذرية
وعقبت قائلة: "يوجد عدد قليل جدًا
من الإناث يولدون بلا غشاء"، بالإضافة إلى أنه ليس بالضرورة حدوث النزيف من
أول علاقة زوجية فهناك اختلافات بين الإناث، ذلك ردًا على الفكرة الخاطئة عن غشاء
البكارة التي تقول أنه إذا لم يحدث النزيف في أول علاقة زوجية، فإن الأنثى تعتبر
غير عذراء، لأنه وأيضًا هناك إناث يتم قطع غشائهن عند الولادة الطبيعية، وأضافت
الدكتورة، أنه عند إجراء كشف العذرية فيتم
فقط فحص وجود الغشاء من عدمه من خلال دكتور النساء والتوليد، أما الطب الشرعي فيقوم
بكتابة تقرير عن الحالة، مشيرة إلى أن كشف العذرية لا يوجد إلا في مصر.
وأكدت أنه لا يوجد ما يسمى بقطع الغشاء
بسبب وقوع الفتاة من فوق شيء مرتفع أو ركوب حصان أو العجلة، وأي شيء من هذه
الموروثات فهو غير صحيح، فلا يتم قطع
الغشاء إلا بدخول شيء حاد جدًا إلى هذه المنطقة.
وذكرت نادين أن وجود القوانين التي
تُجرم هذه الأمور الخاطئة وحدها ليس كاف،
فيجب تغيير العقول لأنه يوجد الكثير من السيدات اللاتي يتم تعنيفهن بسبب
فكرة مغلوطة، وغالبًا تلجأ السيدات إلى وحدة المرأة الآمنة، مؤكدة ضرورة تركيز
الإعلام على هذه الأفكار لأن الإعلام يصل إلى كل المنازل في كل مكان، لكن الطبيب
لا يستطيع تصحيح المعلومات الخاطئة إلا إذا جاء المريض بنفسه.
ونصحت بأهمية استشارة المتخصصين في كل
الأمور وعدم الانسياق وراء مقولة لأنها تتسبب في دمار شامل، وعدم البحث عن الشكاوى
الطبية على مواقع البحث مثل "جوجل".