تحقيق: فاطمة الزهراء أحمد، محمد رأفت
اختلفت وجهات النظر حول الطريق الأمثل لتحقيق النجاح بالنسبة للدراسة، فبينما يختزل البعض النجاح في الانتساب للتعليم الثانوي العام ثم الالتحاق بإحدى الكليات، ويرى أن الالتحاق المدارس المهنية هو الفشل بعينه، يعتقد آخرون أن المستقبل يكمن في الثانوية المهنية، وبين هذا وذاك أجرينا التحقيق التالي.
التركيز على الثانوية باعتبارها مقياس النجاح.. غير صحيح
في البداية قال عرفات عماد، مدرس مادتي الفلسفة وعلم النفس بإحدى مدارس محافظة القاهرة، أرى أن إهمال الثانوية المهنية والتركيز على الثانوية العامة فقط باعتبارها مقياس النجاح غير صحيح، ويجب على الدولة ووسائل الإعلام توضيح ذلك، فالشباب في هذه المرحلة يكونون مترددين، وهنا يجب على الأهل أن يكونوا على دراية بحقيقة مفادها أن الثانوية العامة ليست هي الطريق الوحيد للنجاح، وعندما لا يستطيع الطالب الحصول على الدرجات الكافية لدخول الثانوية العامة يجب على الأهل إبداء التفهم، وإرشاده إلى أن لديه فرصة أخرى في المدارس المهنية، وعن دور التعليم المهني والفني في المجتمع، أخبرنا أن له دورًا جوهريًا في إعداد قوة عمل مؤهلة للتعامل مع التقنيات الحديثة وقادرة على مواجهة التكنولوجيا.
بينما أوضح عبدالرحمن عكاشة، موجه أول لغة عربية بإحدى الإدارات التعليمية بمحافظة القاهرة، أن الثانوية المهنية هي الطريق الأفضل للانخراط في سوق العمل في وقت مبكر، ولتدريب أيدي عاملة ماهرة قادرة على الجمع بين العلم والعمل وحاجات السوق، وفسر رأيه قائلًا: "إذا كانت ابنتي تريد الإلتحاق بمدرسة مهنية وتلك رغبتها وتتناسب مع شخصيتها وطموحها، سوف أدعمها في قرارها بكل تأكيد".
وأكمل حديثه موضحًا أن المدارس المهنية سواء الصناعية أو التجارية تختلف كثيرًا عما مضى، فلها مميزاتها المتمثلة في تخفيف العبء عن كاهل الأسرة بتوفير نفقات تعليم الثانوية العامة، وتقليل الكثافات في المدارس، والحد من نفقات الدولة عليها، وهي أيضًا فرصة للحصول على العمل بمجرد انتهاء فترة الدراسة، لكن تظل النظرة الدونية من المجتمع لطالب الثانوية المهنية هي التي تؤثر سلبًا على نفسية الطالب وتنفره منها.
وتابع "عكاشة" قائلًا أن ارتقاء مستوى كلية عن أخرى يتم حسب الإقبال والنفور ومتطلبات سوق العمل، مع الوضع في الاعتبار السمات الشخصية والقدرات المطلوبة لكل كلية، بمعنى ألا يكون المعيار الوحيد لاختيار الكلية هو مجموع درجات الطالب في الثانوية العامة.
المدارس المهنية قد تتفوق على الثانوية العامة
وأضافت أميرة عزت، أخصائية مكتبات بمدرسة أحمد عرابي بمحافظة القاهرة، للصورة بقولها أن التعليم الفني قد يتفوق أحيانًا على التعليم العام، فالمدارس المهنية توفر للطالب فرص عمل بعيدة تمامًا عن ضغوط الثانوية العامة، ولها كذلك العديد من المميزات التي يجهلها الكثيرون من أولياء الأمور، أبرزها، أن الدراسة تكون بعيدة عن التوتر والقلق فهم يدرسون كيفية التعامل مع التقنيات الحديثة، وذلك يعطيها أولوية في إيجاد فرص عمل كثيرة على عكس الثانوية العامة، واستكملت قائلة "الطالب بيقعد يموت نفسه من المذاكرة ولو درجة واحدة نقصت بتغير مستقبله كله".
وتابعت "عزت" حديثها بأنها لا ترى عيوبًا بالمدارس المهنية سوى نظرة المجتمع للطالب على أنه حاصل على دبلوم، وكأنها نوع من التقليل منه، وتضيف: " ومن وجهة نظري أن مقولة كليات القمة صحيحة؛ لأن كل كلية تختلف عن الأخرى فكلية الطب لا تتساوى مع كلية التجارة من حيث الشهادة ونظرة المجتمع للطبيب أفضل من المحاسب"، وتوضح أن كليات القمة هذه خلقت تنافسًا بين الطلاب على الإلتحاق بها، وعندما يدرس الطالب في كلية اختارها بملء إرادته تكون له فرصة أكثر في النجاح.
التعليم الفني ما بين المميزات والعيوب
في سياق متصل حددت نورا شحاتة، موظفة بنقابة المهن التعليمية، مزايا وعيوب التعليم المهني، فترى أنه يمتاز بوجود خبراء ومتخصصين يشرفون عليه، وهذا يعني نقل الخبرة والكفاءة كاملة في مجال الدراسة، وكذلك يمتاز بالجمع بين الجانب النظري والجانب التطبيقي العملي، فيتخرج الطالب ملمًا بجوانب التخصص الذي درسه، وأما عن عيوبه، ذكرت أن التعليم المهني لايزال يحتاج لمزيد من الرعاية والإمكانيات من الدولة، كما أن الطلاب في حاجة لزيادة الأنشطة التكنولوجية والتعليمية والتدريبية لتساعد الطلاب على إتقان المهنة.
وعن رأيها في مصطلح"كليات القمة"، فلا ترى "شحاتة" أن هناك ما يُدعى بذلك، إذ أكدت أن النجاح الحقيقي هو التفوق وإثبات النفس في الكلية والمجال الذي يدخله الطالب ليصبح ناجحًا في حياته، ومعاونًا لأهله، ومفيدًا لمجتمعه.