أخر الاخبار

"حملات طرق الأبواب" .. وسيلة القومي للمرأة لمحاربة الأفكار المغلوطة

حوار: إيمان ياسر، بدر الدين حسن، سارة عبد الحميد، فاطمة الزهراء أحمد

نالت المرأة في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي حقوقًا غير مسبوقة، حتى أنه تم إطلاق مصطلح "عام المرأة المصرية" على 2017، ومازال النضال مستمرًا من أجل الوصول إلى أعلى درجات سلم حقوق المرأة، لكن ذلك الاتجاه المستنير الذي تبنته الدولة المصرية لا تزال محاربته مستمرة من ذوي الفكر المحافظ المتحجر الذي مازال ينظر بدونية إلى المرأة، وفي إطار ذلك يبرز المجلس القومي للمرأة كفاعل رئيسي في قضية المرأة المصرية، وفي الأزمات التي تتعرض لها في سبيل نيل حقوقها، ولذلك توجهنا إلى إيزيس محمود حافظ، المدير العام للإدارة العامة لتخطيط البرامج التدريبية، والحملات والتوعوية بالمجلس القومي للمرأة، لتحدثنا بشكل أكبر عن دور المجلس، والمشكلات التي يعانيها، وطرقه لمحاربة الأفكار المعادية للمرأة.

-         برز مصطلح تمكين المرأة في الفترة الأخيرة، فما دور المجلس القومي للمرأة في ذلك الأمر؟

لدى المجلس عدد من الإدارات ومنها الإدارة العامة لتخطيط البرامج التدريبيبة، وتقدم الإدارة نوعين من الأنشطة، الأول خاص بتقديم برامج التدريب التي تسعى إلى تمكين المرأة سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا، كالبرامج التي تساعدها على إتقان الحرف اليدوية المختلفة وكذلك تمكنها من بدء مشروعها الخاص فيما يعرف بريادة الأعمال، وهذه البرامج على وجه الخصوص تتعلق بالتمكين الاقتصادي للمرأة، ومنها مبادرتي "نورا" و"دَوّي" التي تشرف عليهما السيدة انتصار السيسي. 

والنوع الآخر من الأنشطة يقوم على توعية المرأة والمجتمع بقضايا معينة تخدم هدف المجلس القومي للمرأة في تعديل صورة المرأة، وتشجيعها على المشاركة المجتمعية، وتوعيتها والمجتمع بحقوقها، وذلك يتم عبر عدة طرق منها حملات طرق الأبواب.

-         نريد منكم أخذنا في جولة تعريفية بـحملات "طرق الأبواب".


  تتلخص حملات "طرق الأبواب" في مجموعات عمل ميدانية تتدرب على رسائل معينة تخص قضية معينة كالعنف ضد المرأة أو ختان الإناث أو الزواج المبكر أو الكثافة السكانية، والمجموعة الواحدة تتكون من عدة أفراد في مختلف التخصصات للإجابة عن كافة أسئلة المواطنين المتعددة الأوجه.


-         ما الفئة المستهدفة من هذه الحملات؟

معظم القضايا التي نعمل عليها تهم الأسرة بأكملها حتى لو كانت تخص المرأة، فمثلًا "لو بنتكلم عن الختان فهو بيكون قرار جماعي بيشترك فيه الأب مع الأم والجدة وبالتالي لازم نتكلم مع كل الأطراف دي، وهنا بنلاقي مقاومة من جيل الكبار، لأن الجيل الجديد بيرفض الممارسة دي.

 وتوعية الفتيات أنفسهن بهذا الأمر جعلتهم على وعي بالختان وأضراره، والطريقة التي تمكنهن من منع خضوعهن لهذه الجريمة، أما عن قضية مثل الإنجاب فهو أيضًا قرار جماعي بين الرجل والمرأة.

والمقاومة التي واجهناها من العقليات المتشددة تدفعنا إلى الاستعانة بآليات جديدة من داخل القرية المستهدفة من الحملات التوعوية كآليات توعوية بشرية من  القيادات المحلية أو رجال الدين الذين يكون لديهم تأثير كبير على الأسر أو الرائدات الريفيات والشباب المتطوعين، وهناك تطور ملحوظ في الاستجابة بسبب استخدام مثل هذه الآليات خصوصًا في قضايا الختان، والزواج المبكر".

إيزيس محمود حافظ

-         ولماذا تأثير رجال الدين يكون كبيرًا على الأسر؟ 

لأن الأسر التي تجري الختان لبناتهن على سبيل المثال يعتقدون أن الرسول هو الذي أمر بذلك، وهنا يكون سبب الموضوع ديني أو فهم خاطئ للدين، فيساعدنا رجال الدين كثيرًا في إقناع الأسر بأن الختان ليس أمرًا دينيًا. 

-         "المرأة عدوة نفسها" هل واجهتم هذا الأمر في النساء أثناء حملات التوعية؟

هناك سيدات رفضن حملات التوعية، فأمر الرفض لم يكن حكرًا على الرجال، وأضافت إيزيس، "إحنا عارفين أن السيدات اللي بتدافع عن الختان ضحايا لسنين من ترسيخ الأفكار دي جواهم، لأن عندهم فكرة مغلوطة أن بنتهم هتقع في معصية لو متعملش ليها ختان، لذلك لا أستطيع أن أقول أن المرأة عدوة نفسها لأنها ترى من وجهة نظرها وثقافتها التي تربت عليها أن بما تفعله من أخطاء تسير في الطريق الصحيح".

-         وما المعتقدات الخاطئة السائدة عن المرأة لدى المستهدفين من الحملات؟

هناك فكرة خاطئة لدى بعض السيدات بأن الإنجاب المتزايد هو ما سيقوم بـ "ربط الراجل" على حد تعبيرهن، أي منعه من الزواج بأخرى، وكذلك يعتقدن أن إنجاب الذكور بكثرة سوف يحسن من الحالة الاقتصادية للأسرة.

وأضافت،" كذلك من الأفكار المغلوطة لديهن عدم أهلية المرأة للقيادة، وذلك على الرغم من دعم القيادة السياسية لقيادة المرأة، وفتح لها مناصب قضائية جديدة كانت حكرًا على الرجال طوال السنوات الماضية".

 وأوضحت أن هناك عدم وعي بأن أمر مثل العنف ضد المرأة له تكلفة اقتصادية، فالمرأة التي يمارس العنف الزوجي ضدها ويرفض الزوج معالجتها، تتحمل الدولة نفقة العلاج، وأيضًا نفقة الأبناء في حال رفض الزوج الصرف على أبنائه، وهو ما يكلف الدولة أرقامًا باهظة تقدر بملايين الجنيهات.

-         هل تواجه حملات طرق الأبواب أية صعوبات؟

بالطبع تواجه صعوبات، فالحملات عندما تتوجه إلى المنازل يكون الأزواج متواجدين، فإذا كان الزوج متفتح ومتفاهم يجعل الحملة تستكمل مهمتها في تنوير زوجته، أما إذا كان متحفظًا، فإنه يمنع الحملة من استكمال مهمتها.


-         في رأيكم هل للإعلام دورًا سلبيًا أم إيجابيًا في التوعية بقضية المرأة؟

أجابت إيزيس،" في رأيي أن الإعلام المعتدل له دورًا إيجابيًا في ذلك الشأن، لكن الدور السلبي يظهر حينما تقوم بعض البرامج باستضافة شخصيات سليطة اللسان بجانب المدافع عن قضية المرأة، من أجل إضعاف القضية لأن صوت سليط اللسان يكون الأعلى، فيتم تشويه الرأي العقلاني المدافع عن حقوق المرأة".

 

إيزيس محمود حافظ

-         وما رأيكم في الدعوات المناهضة لعمل المرأة سواء من الرجال أو النساء؟

أكدت، لا أجد هذه الدعوات طبيعية في ظل الظروف الاقتصادية الضاغطة التي يمر بها الجميع، فالمرأة أصبح عملها ضروريًا لسد حاجة المنزل، فلم يعد الرجل وحده قادرًا على تلبية احتياجات منزله.

ويكمن سبب مناهضة بعض البنات للعمل في أنهم أدركوا كم تعبت أمهاتهم في العمل فلا يريدن التعب مثلهن، لكن هذه الفتيات بعد مرور بعض الوقت من الراحة سيجدن أنهن لم يحققن أي شئ لأنفسهن، وبالمقارنة مع بنات جيلهن اللائي قمن بالانخراط في العمل سيصبن بالإحباط لتضيعهن فرصة العمل.

وأضافت "أما بالنسبة لاعتقاد بعض الرجال أن عمل المرأة يقلل من فرص الذكور في التوظيف، فهي فكرة غير صحيحة يروجها غير القادرين على النجاح أو تطوير ذواتهم، نحن في مناخ منافسة وسوق حر ومفتوح يعتمد على فكرة الكفاءة"، معبرة "لو أنت كفؤ هتاخد المكان لو أنت مش كفؤ ما ترميش بقى العيب على الستات".

-         كيف يتم تحقيق التمكين الاقتصادي للمرأة على أرض الواقع؟

تابعت إيزيس،" حاليًا نقوم بالعمل تحت ما يُعرف بمنظومة الشمول المالي، والشق الإجرائي فيها هو تعريف المرأة بالإجراءات، ويشارك في هذا الشق كافة البنوك التي تقدم خدمات مالية مبسطة للمجتمع كالبنك المصري المركزي والبنك الزراعي المصري.

أما عن الشق الحِرَفي، نقوم فيه بالعمل على أن يكون للمجلس مشاغل ووحدات إنتاجية تمكننا من تدريب السيدات فيها على الحرف اليدوية، والإنتاج المغذي للصناعات الكبري.

وذلك بهدف الوصول بالمرأة إلى درجة التمكن التي تستطيع من خلالها تنفيذ مشروعها الخاص من خلال القروض التي تقدمها البنوك السابق ذكرها".

-         وما الخطوات التي بها تصبح المرأة خبيرة في مجال تخصصها؟

قبل كل تدريب تمر النساء المشاركات في التدريب بعدة مراحل تساعدهن أن يكونوا خبراء، والمرحلة الأولى تركز على التوعية والتثقيف المالي، والثانية التدريب ذاته، والثالثة نفتح فيها حلقة وصل للمرأة مع البنوك والمؤسسات المقرضة، المرحلة الرابعة تبدأ المرأة في عمليات الإنتاج، أما المرحلة الخامسة فهي مرحلة التسويق، ويقوم المجلس بدور كبير في التسويق بالإضافة إلى المؤسسات الشريكة، ومنها إقامة معارض لبيع منتجاتهم، وتعريفهم بوسائل للبيع الإلكتروني.

-         في ظل كل هذه الجهود التي يبذلها المجلس، ما العوائق التي تقابله؟

"من أكبر العوائق اللي بنواجهها إن في سيدات معندهمش اهتمام يأنهم يكونوا متمكنين اقتصاديًا"، هكذا أردفت إيزيس، مضيفة، البعض الآخر من السيدات لا تساعدها الظروف لاستكمال التدريب، فمثلًا دورات التثقيف المالي ودورات التوعية  يجب أن تُجرى في الصباح الباكر حيث يكون أبناء السيدات وبناتهن في المدارس، ولا يمكن إجراء التدريب في الوقت التي تخصصه لإنجاز المهام الأخرى الخاصة بالمنزل والأبناء.

وهناك عائق آخر يتمثل في التكلفة المالية اللازمة للوصول إلى أماكن التدريب التي قد تقع بعيدًا عن منازل بعض السيدات، وفي ذلك الأمر نقوم بمنح السيدة بدل انتقال أو نقوم بتوفير وسيلة انتقال.

وكذلك توجد مشكلة تتعلق بالهادر من الخامات التي تقوم السيدات بالتدريب عليها، لكننا لا نتخلص من ذلك الهادر، وإنما نقوم بتوزيع ما خرج منه من منتجات كالشنط على السيدات المستفيدات في البرامج الأخرى.

أما عن المشكلة الكبرى فتتمثل في عدم دعم الأسرة وخاصة الزوج للمرأة في أمر التدريب، وفي ذلك السبيل نحاول تقديم تسهيلات للأسر تتمثل في السماح للمتدربات بإحضار أبناءهن وبناتهن معهن إلى التدريب إذا لم يستطعن عدم تركهم بمفردهم، ونقوم بتخصيص أماكن للأطفال حتى تنتهي أمهاتهم من التدريب.

-         هل للمجلس القومي للمرأة شركاء حكوميين في برامجه؟

قالت، نعم لدينا شركاء كوزارة الصحة والتضامن الاجتماعي والتربية والتعليم، وجميعنا نعمل في تنمية الأسرة المصرية والقرى التي تعمل مبادرة حياة كريمة على النهوض بها، لذلك تتكامل جهودنا جميعًا لتحقيق النهضة الشاملة للأسرة المصرية، وإن تخصص المجلس في معالجة قضايا المرأة.


-         نريد أن نعرف نبذة عن جلسات الدوار.

فأجابت أن المجلس القومي للمرأة يستهدف الوصول لـ10 مليون مواطن ومواطنة في 3 سنوات عن طريق 10 آلاف قائد ديني، وحتى الآن تم تدريب 3800 قائد ديني من الشيوخ والقساوسة والواعظات والراهبات، وذلك لإقامة جلسات الدوار.

وتلك الجلسات تتيح للمرأة الجلوس مع القادة الدينيين وطرح عليهم كافة الاستفسارات بالتعاون مع الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والأزهر الشريف ووزارة الأوقاف، وهي تُعقد في المساجد ومراكز الشباب والمدارس والغيطان، ولاقت استحسانًا كبيرًا من النساء، وتم إقامة هذه الجلسات في 1500 قرية من قرى حياة كريمة في العام الثاني فقط .

ومن خلال جلسات الدوار ننتوى مستقبلًا إقامة ما يُعرف بـ "أمسيات الأسرة المصرية" وذلك بالتعاون مع وزارة الثقافة، وهي لكل الأسرة من أب وأم وأبناء، وتقوم على العروض الفنية التي ترسخ الرسائل التوعوية التي نريد إيصالها للريف بشأن قضايا الختان والزواج المبكر والتسرب من التعليم وكثرة الإنجاب من خلال مسرح العرائس.


-         وما الخطط المستقبلية للحملات التي يقودها المجلس القومي للمرأة؟

 نستهدف استكمال ما بدأناه من حملات كما أوضحت خلال الحوار، وذلك إلى جانب أننا نعتمد بشكل مستمر على مسايرة المتغيرات، ففي 2017 كنا نقود حملات في القرى للتوعية بالانتخابات المحلية، وفجأة تم تعويم الجنيه، فكلما دخلنا بيتًا لنحدثهم في أمر الانتخابات، وجدنا السيدات تقول: " أنتِ جاية تعملي إيه ده أنا كيلو السكر كنت بشتريه إمبارح بسبعة جنيه النهاردة بقى بـ ١٤"، فبالتواصل مع رئيس المجلس دكتور مايا مرسي تم تغيير هدف الحملة من الانتخابات إلى توعية السيدات بأمر التعويم، وتفهيمهم بمعناه وأسبابه.

 كما قمنا بالعمل على قضايا مختلفة مثل الزيوت المهدرجة والمواد الصلبة، وأيضًا من خلال حملات طرق الأبواب نحارب الشائعات التي تهدد السلم العام، ونناهض فكرة الهجرة غير الشرعية، والأفكار الإرهابية المتشددة، ونحاول ترسيخ ثقافة السلام والتعايش، وسنظل على نهجنا مع زيادة أعداد القوافل.

ويحمل المجلس القومي للمرأة على عاتقه العديد من المسؤوليات المتعلقة بتحقيق التنمية للأسرة المصرية التي تلعب المرأة فيها حجر الزاوية، وقد حاولنا في هذا الحوار تسليط الضوء على بعض الجهود التي يبذلها المجلس بكافة الإدارات التي يشرف عليها، والبرامج والحملات التي ينفذها في إطار محاربته للأفكار المغلوطة عن المرأة، وتمكين المرأة في كافة مجالات الحياة.




حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-