مخاطر سوء التربية |
كتبت: إيمان ياسر- وسام عمرو
كشف مرصد الأزهر الشريف أن الفترة الأخيرة شهدت العديد من حالات الانتحار بوسائل وطرق متعددة، وبيَّن أن من أسباب تلك الظاهرة وجود خلل في التعامل مع الأبناء، كاتباع الشدة في التعامل واستخدام العنف والصرامة في إرشادهم، وممارسة أساليب الضغط عليهم في المراحل التعليمية المختلفة، دون الأخذ في الاعتبار اختلاف درجة استيعاب كل طالب.
كل هذه الأساليب الخاطئة في التربية تأتي بنتائج عكسية خطيرة على الأبناء، من بينها انعدام الثقة بالنفس والاكتئاب، والإحباط القاتل الذي قد يدفع صاحبه للانتحار، خوفًا من الرسوب أو الفشل.
وأشار المركز إلى أن الأسرة عليها الدور الأكبر في تقديم الدعم المعنوي والنفسي لأبنائهم، وعليهم أن يبحثوا عن مواهب وقدرات أخرى يتقنها المتعثرون دراسيًّا دون أن يجعلوا رسوبهم وصمة عار تلحق بالأسرة.
وتطرق في الحديث إلى الأسباب التي تدفع البنات إلى الانتحار وهو التعرض للابتزاز الإلكتروني، فيجب على الأب والأم أن يتسموا بالحكمة، ولا يوجهوا عبارات اللوم والتجريح لبناتهم، بل عليهم اتباع التصرف القانوني المناسب وتقديم هذا المبتز للعدالة، وفتح آفاق الحوار وردم الفجوة بينهم، حتى لا يكون الحل هو الانتحار.
التعليم أم نفسية الطفل
نسمع في كل عام، أثناء امتحانات الثانوية العامة وبعد ظهور النتيجة، عن حالات انتحار كثيرة، ويرجع ذلك إلى الضغط الذي يمارسه الأهل على الطالب، فهم يمثلون ضغطًا نفسيًا كبيرًا عليه لا يستطيع تحمله معتقدين بذلك أنهم يقومون بتشجيعه على الدراسة لكن في حقيقة الأمر هم يشجعونه على الانتحار ليتخلص من هذه الضغوط، أو يهرب من رد فعلهم إذا كانت النتيجة سيئة.
مخاطر سوء التربية |
وقد أشار الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي بالأكاديمية الطبية العسكرية، في تصريح سابق له، أنه يجب تأهيل الأهل في المقام الأول للتعامل مع نتيجة الثانوية حتى لا تتكرر الحالات المأساوية التي نراها كل عام، فالمراهق دائمًا يحتاج إلى التواصل الخالي من اللوم.
رسائل الانتحار تكشف السر
رسائل مؤلمة يتركها المنتحر خلفه، ليكشف السبب وراء إقباله على هذا الفعل المروع، وتكون كلمة السر في أغلب الأوقات هي الأهل، فالشاب الذي ألقى بنفسه من جسر في المنصورة، ترك رسالة مؤثرة وقاسية على صفحته الشخصية قائلًا فيها "أشوفكم بخير، وابقوا افتكروني، وأبويا ميمشيش في جنازتي بالله عليكم".
كذلك كان الضرب والقسوة في التربية سببًا في إقبال شاب في الغربية على الانتحار، وبعد وفاته عثروا على وصيته، وطلب فيها ألا يُدفن والده بجواره بعد موته، ولا يُشارك في جنازته، وفتاة المول التي هز انتحارها المجتمع، كانت قد اخبرت صديقتها أنها سوف تنتحر بسبب الاضطهاد وسوء المعاملة من قِبل أسرتها.
مخاطر سوء التربية |
كما كان الدافع وراء تخلص فتاة من حياتها هو غياب الدفء، حيث كتبت في رسالتها الأخيرة "أنا بس كنت محتاجه حد يطبطب عليَّ وياخدني في حضنه، أنا عمري ما حسيت بحنية أم ولا أب ولا أخوات ولا أصحاب"، وأوصت بعدم مشاركة أسرتها في جنازتها.
ونخلص إلى أن فقدان الاحتواء والتفاهم والحوار بين الأهل والأبناء يؤدي إلى كوارث، فهو ينتج شخصًا مضطربًا نفسيًا، فيؤذي نفسه والمجتمع، لذلك يجب على الأهل أن يتخلصوا من أفكارهم المغلوطة عن التربية، ويتعلمون كيفية إعداد جيل صالح نفسيًا.