محكمة الأسرة |
كتبت : سها صلاح، وسام عمرو
مع تزايد حالات الطلاق في مصر، سواء عن طريق الخلع أو الضرر، تُطرح الكثير من التساؤلات حول أسباب الظاهرة، وما هي المكاسب والخسائر التي تعود على الرجل والمرأة من وراء عملية الطلاق، وتقييم الطرف الخاسر في الطلاق يعتبر أمر نسبي يرتبط ببعض المكتسبات والموروثات المجتمعية، والتقاليد المتوارثة عبر السنين، فالمجتمعات الشرقية مثلًا تمنح الرجل حصانة كاملة ضد كل أنواع الخسارات، بما فيها الأخلاقية، وتعتبر المرأة هي الحلقة الأضعف في مسلسل الانفصال، أما عن الرجل فيخسر الكثير من المبالغ المادية بعد الطلاق، وفي ظل تنامي هذه الظاهرة في المجتمع وتفشي التفكك الأسري يتساءل الكثيرون هل للمجتمع دور في التأثير على نفسية تلك الأفراد بسبب هذه المعتقدات والموروثات؟
"المستوى الاجتماعى بيفرق"
"لو البنت مستواها الاجتماعي عالي مش هتواجه أي صعوبات ولو متوسط أو منخفض هتواجه كتير"، هذا ما قاله أحمد حسن، مهندس بالتطوير العقاري، حينما سُئل عن الصعوبات التي تواجهها المطلقة بعد الطلاق، حيث يرى حسن أن المتضرر هو الأقل في المستوى المادي، وأضاف، إذا كانت المرأة قبل الطلاق ربة منزل قد يؤثر عليها ذلك بعد الطلاق، ويجعلها مجبرة على العمل خصوصًا في حالة عدم وجود شهادة أو خبرة عملية، وبالتالي يعرضها ذلك لإحباط شديد، على عكس ما إذا كانت تعمل أثناء زواجها.
أما في حالة وجود أطفال تكون الخسائر علي الطرفين، وقد تحدث غالبًا مشاكل في حالة كره طرفي العلاقة لبعضهم بعد الطلاق مما ينتج عنه تشتت للأطفال ويصبحون بمثابة "لعبة" يحاول فيها كل طرف أن يقنع الأطفال بأن الطرف الثاني هو السيء.
طفل مظلوم
وجاءت وجهة نظر فتحية فتحي، خريجة كلية التربية الفنية، متفقة مع كون المطلقة هي من تعاني أكثر، بدايًة من نظرة المجتمع لها وما قد تعانيه من إهانة أو تهديدات من قبل طليقها، وكذلك صعوبة إيجاد عمل فى حالة إن كانت حاضنة، وأنها مع الوقت قد تواجه تساؤل طفلها عن والده، لكنها ترى أنه الطلاق يحقق الحرية للمرأة.
الطلاق رحمة
أما عن أمينة محمد، سيدة مطلقة منذ 3 سنوات و حاضنة، فترى أن أكثر ما تتعرض له المطلقة هي نظرة الشفقة في عيون من حولها وأنها أصبحت وحيدة، كما تؤكد أن أكثر متضرر هو الشخص الذى تسبب في أذى للطرف الآخر، وهنا يكمن مكسب المطلقة في حياة هادئة بعيدًا عن الطرف السيء، وتختتم حديثها قائلًة: "الطلاق صعب في بدايته لكنه أرحم ألف مرة من اللي ممكن يحصل لواحدة مكملة في علاقة بتقضي عليها بالبطئ".
الزواج الثانى ليس عيبًا
من جانبه يؤكد حسام هشام مدرس تربية رياضية، أن أول صعوبة من وجهة نظره قد يواجهها المطلق عندما يحاول بعد فترة من طلاقه التقدم للزواج من إحداهن، فهو يجد القلق في عيون الأهل، ظنًا منهم أن ذلك الشخص قد يجلب المشاكل وراءه، وأضاف أيضًا أنه شخصيًا بعد الطلاق لا يستطيع مقابلة ابنته ولا حتى التكلم معها، على عكس أباء لا يبالون لأولادهم بعد الإنفصال.
أما عن المطلقة فينظر لها المجتمع على أنها مطلقة أي بلا فائدة، وخصوصًا في حالة وجود أطفال فيكون من الصعب عليها أن تتزوج مرة أخرى، ونجد ذلك في مجتمع الأرياف بالتحديد، حيث يرون في ذلك " عيبة" .
وبعد الطلاق، يقول حسام أن الضرر يقع على كلا الطرفين أيًا كان نوعه أو حجمه، فمثلًا يتضرر الرجل ماديًا و يدفع نفقات، لكن في النهاية يتعرض الطرفان لضغوطات نفسية ومادية، وأشار أن السيدة المطلقة في الغالب تحصل على مكاسب مادية جيدة من قائمة منقولات ومؤخر صداق ونفقة أطفال في حالة حضانتها لأولادها.
مجتمع شرقي
أما عن ابتسام محمد مدرسة لغة إنجليزية، فترى أنه من حق أي سيدة مطلقة أن تتزوج مرة أخرى، لكن ما يؤرق ذلك الحق هو الضغط المجتمعي الذي يفرض عليها بشكل كبير ألا تتزوج وتكرس حياتها على تربية أولادها، وهذا يؤكد حقيقة أن المجتمع ينظر للمطلقة على أنها مذنبة في كل الأحوال، حتى وإن تركت أولادها لطليقها يُقال أنها تخلت عنهم، واستكملت موضحًة: "ده اللى بيخلي البنت تفكر كتير قبل ما تطلب الطلاق وتستحمل حاجات فوق إرادتها عشان خايفة من كلمة مطلقة".
ولهذا تنصح ابتسام أي فتاة مقبلة على الزواج أن يضمن لها والدها "مؤخرًا" جيدًا يتناسب مع ظروفها إذا كانت لا تعمل، ذلك منعًا لتعرضها لأي تهديد أو ضغط نفسي أو معنوي أو حتى جسدي؛ سعيًا لجعلها تتنازل عن كل حقوقها الشرعية.