كيف عالجت السينما المصرية قضية التعليم؟ |
كتب: محمد رأفت
ساندت السينما المصرية والعالمية قضية التعليم على مدار العصور المختلفة، وذلك في سبيل النهوض بمستوى التعليم، وارتبطت النهضة السينمائية في مسيرتها الطويلة بقضايا مجتمعية طرحتها ضروريات الحداثة، واستطاعت تسليط الضوء عليها، وتقديم حلول لها، وكان من بين ما شهدته هذه النهضة هو الاهتمام بالمستوى الأخلاقي للطلاب والمعلمين على حد سواء.
فيلم الـ « EUC» يناقش وهم كليات القمة
يعتبر وهم "كليات القمة" من أشهر المفاهيم الخاطئة عن التعليم وخاصة مرحلة الثانوية العامة، فبجانب الاهتمام الكبير بقضايا طلاب الجامعات، نالت الثانوية العامة نصيبًا من السينما المصرية المتمثلة في فيلم "EUC " الذي ناقش فكرة وهم كليات القمة وعند فشل الطالب في الحصول على الدرجات اللازمة للالتحاق بكلية ما فإن حياة الطالب التعليمية تكون قد انتهت، من ناحية أخرى عالج الفيلم لأول مرة مشكلات تنسيق الجامعات، وقدم معالجات للنموذج المثالي للتعليم، وهو القائم على التفاعل بين الطلاب والمعلم، واختيار الطالب للمواد التي يرى أنها سوف تفيده وتؤدي هذه الطريقة إلى ثبات المعلومة في ذهنه لفترة طويلة.
وتدور أحداث الفيلم حول مجموعة من طلاب الثانوية العامة كانت درجاتهم لا تكفي للالتحاق بكليات القمة، ففكر طالب منهم في خدعة لكي يتجنب المشاكل مع عائلته بأن يقول لهم أن هناك جامعة خاصة سوف تقبله لأن صاحب الجامعة هو والد صديقه، ومن هنا تبدأ الكذبة في الانتشار ويتقدم الكثير من الطلاب للالتحاق بهذه الجامعة، وبالفعل تبدأ في إعطاء تعليم تفاعلي لهم.
معالجة السينما لقضية تعليم المرأة
نالت قضية تعليم المرأة نصيبًا من السينما المصرية، وقدمت نموذجًا رائعًا للتغلب على فكرة أن التعليم مقتصر على الذكور وأن النساء مكانهن المنزل ومن أبرز تلك الأفلام التي عالجت هذه القضية فيلم " أنا حرة " للفنانة لبنى عبد العزيز، ليكون واحدًا من أهم الأفلام التي تحدثت عن حرية الفتاة في التعليم وتحررها من قيود المجتمع ومن أحاديث الناس والأعراف السائدة.
وتدور أحداث الفيلم حول فتاة تدعى أمينة تعيش مع عمتها؛ بسبب انفصال والديها، لكنها ترى أن المرأة دائمًا مقهورة وتعيش تحت الاستعمار الذكوري، فتقرر التمرد على هذا الوضع، وتصمم على دخول الجامعة وعند التحاقها بها لا تشعر أنها حصلت على حريتها الكاملة، وتكتشف أن الحرية ليست ما كانت تبحث عنه طوال تلك السنوات بل هي شيء أعظم بكثير.
استخدام العنف مع الطلاب في السينما
" كسر أنت وأنا أجبس" من أشهر الأقوال التي تتردد على لسان أولياء الأمور للمدرسين، لأنهم للأسف يرون أن الطريقة الوحيدة للتعليم هي الشدة والضرب، فهي من أبرز المفاهيم الخاطئة للتعليم التي حاولت السينما تصحيحها، وكان من أبرز هذه الأفلام فيلم "رمضان مبروك أبو العلمين حمودة " بطولة الفنان محمد هنيدي.
وتدور أحداثه حول معلم للغة عربية متشدد في تعامله مع الطلاب، يعمل في الأرياف، يخشاه جميع الطلاب؛ لأنه مثال للحزم والإنضباط، لكن الظروف تضطره أن يعمل مدرسًا في مدرسة خاصة بها أبناء كبار المسؤولين، فيقرر عدم تغيير طريقته في التعليم القائم على الحفظ والعقاب، ولكنه في النهاية يقتنع أن طريقته خاطئة ويقرر عدم استخدام العنف مع الطلاب مرة أخرى.
التعليم له اليد العليا في تحقيق أحلام صاحبه
" التعليم جواز السفر للمستقبل" يتفق الكثير مع هذه المقولة ولا نستطيع القول بأنها خاطئة، ولكن يوجد من الشباب من تضطره الظروف القاسية إلى ترك المدرسة، ولكن لا يعني ذلك أنهم سوف يفشلون في حياتهم العملية، وهذا ما ناقشه فيلم المليونير المتشرد Slumdog Millionaire.
وتدور قصته حول شاب هندي مكافح مر بالعديد من التحديات في سبيل الحصول على حياة كريمة، وعدم رغبته في الانخراط في عالم الجريمة، وحاول الإشتراك في برنامج" من سيربح المليون" بنسخته الهندية وفي كل مرة كان يسأله المقدم سؤالًا كان يجيب على السؤال من خلال خبراته وتجاربه التي عاشها ومر بها.
«مرجان أحمد مرجان» يعالج الفكرة المغلوطة عن التعليم لكبار السن
"بعد ما شاب ودوه الكتاب" هكذا عبر المصريون عن فكرة تعليم الكبار، وهي من أبرز المفاهيم الخاطئة عن التعليم؛ لأنهم وفق هذه الزاوية من التعريف قد تغاضوا عن حقيقة هامة، وهي أن التعليم ليس له عمر ولا يوجد شخص كبير على التعليم، وهذا ما أوضحته السينما في فيلم "مرجان أحمد مرجان"، والذي تدور قصته حول رجل أعمال ناجح في حياته العملية يدعى "مرجان"، لكنه حاصل على شهادة الثانوية العامة فقط، وتحت ضغط أولاده يقرر الالتحاق بالجامعة التي يدرسون بها لكي يجعلهم فخورين به.
يجد مرجان صعوبة في البداية لكنه سرعان ما ينخرط مع زملائه، ويستطيع أن يحقق رغبة أولاده في أن يكون شخصًا متعلمًا، ويقول في النهاية "قبل الشهادة كنت أملك مال كتير وبعد الشهادة حاسس إني أملك الدنيا كلها".
وهم الجامعات الخاصة أفضل من الحكومية
مرة أخرى نعود بفكرة خاطئة منتشرة في أذهان الكثير من أولياء الأمور وهي أن الجامعات الخاصة أفضل من الجامعات الحكومية، فلم تكن حياة الجامعات الخاصة بعيدة عن متناول صناع السينما، فقاموا بتقديم فيلم "الباشا تلميذ" بطولة كريم عبد العزيز في بداية الألفينيات، وكان يحكي عن التعليم في الجامعات الخاصة والفساد الأخلاقي بين الطلاب وإدارة الجامعة.
وتدور قصة الفيلم حول ضابط يُكلف بالذهاب إلى الجامعة لكي يكشف المتسببين في قضية الإتجار في المخدرات، ويدعي أنه طالب لكي يستطيع أن يتسرب بين الطلاب، فيجد أن الطلاب أضعف من أن يكونوا تجارًا للمخدرات، وأن الجامعة هي التي تقوم بهذه التجارة وتدمر طلابها.
التكرار دون الفهم لا يخلق متعلمًا
"التكرار يعلم الشطار" كان هذا المثل هو المرجع الأساسي للمعلمين في مصر، حيث كان التعليم قائمًا على الحفظ والتلقين، وعرضت السينما نموذجًا رائعًا عن هذه المقولة الخاطئة، وهو فيلم " الثلاثة يشتغلونها" بطولة النجمة ياسمين عبد العزيز.
وتدور قصته حول طالبة تفوقت في الثانوية العامة، واحتلت المرتبة الأولى على الجمهورية، والتحقت بكلية الآثار، وكانت ترى أن المتفوق هو من يستطيع حفظ أكبر قدر من المعلومات وليس فهمها، ولكنها تتعرف على أشخاص يستغلونها بسبب عدم فهمها للحياة، وفي النهاية تتوصل إلى أن التعليم يكون بالفهم، وأنه إذا أردت أن تجعل المعلومات عصية عن النسيان في أذهان طلابك قم بربطها بحياتهم فالتكرار دون الفهم لا يخلق متعلمًا.