هجرة العقول بين الضرر والمنفعة |
كتب: أحمد حسن وكرستين عوني
يسعى العديد من الشباب إلى الحياة المثالية ويعتقدون أن هذه المثالية ستكون في بلاد الغرب فقط ولا يصلح أن تكون في البلاد العربية، ولذلك عانت مصر على مدار سنوات من هجرة العقول ذات الكفاءات العالية والمميزة والتي تؤدي إلى حرمان مصر من ثمار تفوق شبابها العلمي والمعرفي، وتُعرف "هجرة العقول" بأنها انتقال الأفراد الذين يمتلكون مستويات تأهيل عالية، من بلدهم إلى بلد آخر، بهدف الحصول على الإقامة الدائمة والعمل في مكان آخر.
وتنوعت أعداد المهاجرين وفقًا للفئات العمرية حسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، حيث كانت الفئة الأعلى تتراوح أعمارهم ما بين 30 و40 سنة، ومثلت هذه الفئة حوالي50 % من إجمالي المهاجرين، ومن العوامل المؤثرة في أعداد المهاجرين هو القطاع العاملين به، حيث يعمل الغالبية العظمى من المهاجرين في القطاعات الخاصة بنسبة تعدت 260 مهاجرًا طبقًا لإحصائيات عام 2021.
عوامل جذب الشباب للغرب
والأزمة هنا لا تكمُن في الهجرة فقط ولكن في الأسباب التي تدفع البعض للهجرة؛ والتي في الغالب تكون أوهام ليس لها علاقة بالواقع، فالعديد من الذين يتخذون هذا القرار يكون لديهم معلومات وأفكار مغلوطة عن الدول التي تتم الهجرة إليها وخاصًة الأوروبية ، فهناك من يرى أن معدلات الأجور ترتفع بها كثيرًا عن مصر ولا يدرك أنه مقابل هذا الارتفاع يوجد ضرائب باهظة، والعديد من الشباب يهرب من الدول العربية إلى الدول الغربية حتى يستطيع الاستقلال عن عائلته فقط ويتمتع بمزيد من الحرية، ولا يعلم أن أمام هذا الاستقلال سيكون لديه العديد من المسئوليات الشاقة، فكل الدول أينما كانت بها سلبيات وأيضًا إيجابيات.
هجرة العقول بين الضرر والمنفعة |
هناك عوامل أخرى تدفع الشباب للهجرة، منها المستوى الاقتصادي وخاصًة أن العديد منهم لا يجد فرصة عمل بسهولة فمعدلات البطالة بمصر وصلت إلى أكثر من 5 مليون ذكر عاطل، و16 مليون أنثى، طبقًا لإحصائيات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عام 2021، والشخص العاطل طبقًا للجهاز هو القادر على العمل ما بين سن (15-64) ولا يعمل، بالإضافة إلى أن البيئة البحثية الموجودة بمصر لا تتوافق مع طموحات وأحلام الشباب وخاصًة في العصر الحديث.
أحمد زويل والعقل المهاجر
ولكن قد يكون لهجرة العقول بعض الإيجابيات، حيث تساعد في جلب العملة الصعبة إلى مصر، أو تحقيق نجاحات كبيرة ونسبها إلى الدولة الأم.
دكتور أحمد زويل |
فأحمد زويل بالرغم من هجرته إلى الولايات المتحدة الأمريكية ظل يفخر بمصر في المحافل الدولية، حتى إنه قبل وفاته طلب أن يُدفن في مصر، وكان زويل قد تخرج في كلية العلوم جامعة الإسكندرية بإمتياز مع مرتبة الشرف عام 1967 في الكيمياء، وعمل معيدًا بالكلية وحاز على درجة الماجستير في علم الضوء من كلية العلوم في نفس الجامعة، ثم سافر إلى الولايات المتحدة في منحة دراسية وحصل على درجة الدكتوراه من جامعة بنسلفانيا في علوم الليزر وتوالت إنجازاته حتى توفى عام 2016.
هجرة العقول واتساع الفجوة
ولكن أيضًا هناك آثار سلبية على الدول وهي تنعكس على شتى مجالات الحياة وخاصًة المجال الاقتصادي، وإذا ذهبت جميع العقول المُفكرة إلى الخارج فإن الفجوة التكنولوجية والعلمية بين الدول النامية والمتقدمة تزداد، وبالتالي تتسبب في إحداث نقصٍ في القوى العاملة والكوادر البشرية المؤهلة لسوق العمل.
وحسب المنظمة الدولية للهجرة؛ فإن نسبة المهاجرين العُمال حول العالم تبلغ 164 مليون نسمة، وأظهرت بعض الدراسات التي قامت بها جامعة الدول العربية ومنظمة اليونسكو والبنك الدولي أن العالم العربي يساهم في ثلث هجرة الكفاءات من البُلدان النامية وأن 50% من الأطباء و23% من المهندسين و15% من مجموع الكفاءات العربية يهاجرون إلى أوروبا والولايات المتحدة وكندا.
وهذه الأرقام تٌشكل صدمة كبيرة للبعض وتتسبب في ظهور نوع سلبي من التبادل العلمي لأنه يتسم بالتدفق في اتجاه واحد صوب الدول المتقدمة حسب ما وصفته منظمه "اليونسكو"؛ مبررة ذلك بأن في هجرة العقول نقل أهم عنصر في عناصر الإنتاج وهو العنصر البشري.