أسماء البدري |
حوار: فاطمة الزهراء أحمد، محمد رأفت
يعد التعليم ومفاهيمه وأساليبه أحد أهم الجوانب التي يجب أن تجذب اهتمام العالم كله، ولاسيما مع الإحصائيات الصادمة التي نشرها موقع بي بي سي عن منظمة الصحة العالمية، والذي يفيد بأن الانتحار رابع سبب للوفاة بين اليافعين من الفئة العمرية بين 15 - 19 عامًا، وتحتل مصر المرتبة الأولى عربيًا من حيث معدلات الانتحار، سابقة في ذلك دول تعاني النزاعات المسلحة والحروب الأهلية، لذا توجهنا إلى أسماء البدري، مدرس علم الاجتماع بكلية البنات عين شمس، للوقوف على الأساليب الخاطئة في التربية والتعليم.
بدأت "البدري" حوارها قائلة: "إن الأساس هو فهم طبيعة الأطفال ونفسيتهم في كل مرحلة للتعامل معهم وفقًا لها، ونحن نحتاج إلى توفير قدر من الحرية لكي يستطيعوا الاعتماد على أنفسهم، بدلًا من سؤالهم عما يفعلون وشعورهم بأنهم مطاردون طوال الوقت، فلا يجب أن يشعروا بأننا نرغب في عقابهم، ففي المدرسة أرى أن نبتعد تمامًا عن تكرار الكلمات؛ لأننا لسنا في كُتَّاب فهذا النوع من التعليم يجعل إدراك الطفل محدودًا، وتظل عقليته متجمدة بلا تطور".
مرحلتي الطفولة والشباب أساس النجاح
وأشارت إلى أن مرحلة المراهقة من المراحل الحساسة التي تتطلب طريقة معاملة خاصة وتوجيهًا صحيحًا، لأن في هذه المرحلة يكون أطفالنا بين مشتتات كثيرة ويستغرقون وقتًا طويلًا من أجل معرفة الطريق الصحيح، لذا نحتاج إلى أن يكون لديهم عقلية قادرة على ممارسة التفكير الناقد، وأن يكونوا هم أصحاب القرار لا أن نقوم نحن بإجبارهم على تنفيذ قرار معين.
وتابعت أن مرحلة الجامعة هي مرحلة تعلم الاعتماد على النفس، ويجب أن ننصت إلى كلامهم ونحترم آرائهم، فمثلًا في الجامعة نجعل الطلاب يبحثون عن المعلومات ويعرفونها، ولا نقصد بذلك الضغط على الطالب بل نؤهله لسوق العمل؛ لأنهم في الحياة العملية ستواجههم ضغوطات كثيرة يجب أن يعتادوا عليها، وأكملت إذا اتقنا إعداد الطفل في مرحلة الطفولة إلى الشباب سوف يكون ناجحًا في حياته ويفيد المجتمع ويستطيع بناء أسرة وتربية أجيال.
العلاقات السامة سببها آباء لم يحسنوا التصرف مع أبنائه
كما أوضحت "البدري" أنه يجب على أولياء الأمور أن يتركوا الطفل يشارك في كل شيء، وإن أخطأ نصحح له الخطأ دون عنف، فمثلًا عندما نطلب منه عدم القيام بفعل معين ولا ينصت أو يرد بشكل غير مهذب، لابد من عقابه، كما يجب أن لا نهتم ببكاءه إلى أن يأتي ويعترف بخطأه؛ لأن ذلك سوف يمنعه من ارتكاب هذا الخطأ مرة أخرى، لكن لا يجب أن تكون فترة العقاب طويلة وتتحدد وفقًا لعمر الطفل، ولا يجب عقابه بالعنف أبدًا؛ لأنه ليس تصرفًا إنسانيًا، حيث يترك أثرًا سلبيًا في نفسية الطفل، فالضرب لا يجب أن يكون الاختيار الأخير بل يجب ألا يكون هناك خيار يسمى الضرب، فالعلاقات السامة سببها آباء وأمهات لم يحسنوا التصرف مع أولادهم.
في سياق متصل علقت مدرس علم الاجتماع على مقولة " أنت ليه مش زي فلان " بأنها جملة تشعر الطفل بالدونية، فيكبر وهو مفتقد للثقة بالنفس، ولا يستطيع أن يحكم أمور حياته، ويتردد في اتخاذ أي قرار مهما كان بسيطًا، وأكدت أن أولياء الأمور مسؤولون عن تربية جيل بأكمله ليس طفلًا واحدًا، فمقارنة الأطفال بأشخاص آخرين من أسوأ الأشياء التي قد تفعلها في حياتك؛ لأن أولادنا أغلى شيئًا في حياتنا، وتتكون مبادئهم وأفكارهم من الآباء والأمهات.
ونوهت إلى أنه يجب على المعلمين في مرحلة الطفولة أن يكون لديهم علم بالجانب التربوي أو يكونوا خريجين كليات التربية؛ فالتعليم من أهم وأخطر المهن التي يجب أن نهتم بها.
الضغط النفسي والاجتماعي وعلاقته بالانتحار
وعن الانتحار بسبب الضغط النفسي والاجتماعي، أفادت "البدري" موضحة أنه من الممكن فعلًا أن يعرض الضغط النفسي والاجتماعي الطلاب للانتحار خاصة في المراحل الحاسمة مثل الثانوية العامة، والانتحار بين الطلاب سببه الضغط النفسي الذي يصنعه الآباء والأمهات بسبب خوفهم من الثانوية العامة؛ لأنها كما يطلقون عليها "عنق الزجاجة" .
وأكدت أن النظام التعليمي من الأمور الأساسية في حياة المجتمعات، ومن ينتمي إلى هذه المنظومة لابد أن يكون واعيًا ومدركًا لأهمية تلك الوظيفة، وما يترتب على أفعاله من تأثيرات في المنظومة القيمية للمجتمع؛ لأن شخصيته تنعكس على من يتعامل معه من الطلاب سواء بالإيجاب أو السلب.
واختتمت حديثها قائلة : "نصيحتي للشباب هي أن يضعوا هدفًا أمامهم، وأن يسعوا لتحقيقه، وأن يحددوا أولوياتهم في الحياة، وأن يكونوا على ثقة دائمًا أن الله خلقهم لهدف في الحياة، ويعلم أنهم قادرون على تحقيقه حتى لو فشلوا في الوصول إليه من أول مرة فلا بأس، فلكل انكسار بداية جديدة، وأهم شيء الثقة بالنفس".