دار الإفتاء المصرية |
كتبت: أميرة جمال
تدور الكثير من الأقاويل حول بعض الأمور والقضايا المرتبطة بالمرأة، ويذهب البعض في تلك الأمور إلى ربطها بالدين وتحريمها أو تحليلها وفق أهوائهم الشخصية، إلا أن بعضها مباح فعله استنادًا للشرع والبعض الآخر مُحرم، ونستعرض خلال السطور التالية بعض الأفكار الشائكة الخاصة بالمرأة، وردود دار الإفتاء المصرية عليها في تصريحاتها الخاصة لمدونة «وعي» .
ختان الإناث.. ضرورة أم جريمة؟
ختان الإناث |
يقول الكثير من الأشخاص بأنه من الضروري ختان الإناث اقتداءًا بالنبي ﷺ في حين أن ذلك يعرضها للخطر، لكن دار الإفتاء تذهب إلى أن ختان الإناث مسألة طبية يُنظر إليها من جانب الوجود؛ لارتباطه بصحة المرأة الجسدية والنفسية، وجانب الوحي فيها لم يَرِد إلا على جهة تنظيمه وبيان ماهيَّتِهِ تخفيفًا لِبَلْوَتِهِ، لا الأمرِ بِهِ أو استحسان صَنعَتِهِ، وإذا كانت عملية الختان عبارة عن قطعٍ كليّ أو جزئيّ أو شقٍّ لجزءٍ من جسد المرأة هو منها بمثابة عضوٍ له وظيفته؛ فإنه يلزم لإجرائها الرجوع إلى ما يُقَرِّره أهل الطب المختصون، باعتبارهم أهل الذكر والخبراء فيما يتعلق بصحة الجسد البشري والتعامل فيه، ذلك أنَّ الشريعة المحكَمة أناطت المعرفة الصحيحة بالرجوع إلى أهلها، فلا يسوغ في هذا الأمر إلا سؤالُهُم؛ كما قال تعالى: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [النحل: 43]، وإنفاذًا لهذا المنهج الشرعي المحكم، فقد أفاد الخبراء أنَّ لختان الإناث بأنواعه المختلفة مخاطر كثيرة، منها ما هو قصير المدى، وما هو طويل المدى، وقد تقرر شرعًا أنه "لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ".
اللجوء إلى ختان الإناث يختلف من مجتمع لآخر
ومن ناحية أخرى أضافت «دار الإفتاء» أنه على الرغم من أن هذا الفعل، وإن لم يأتِ النصُّ النبويُّ بالنهي عنه مباشرةً؛ مراعاةً لما جرت عليه الأعراف المستقرة، إلا أنه جاء بتقييده إلى الحدّ الذي يتضمن النهي عنه، فغاية الأمر في ختان الإناث أنه من العادات التي انتشر فعلها في بعض المجتمعات دون بعض، ظنًّا منهم أنَّ فيه صيانةً للمرأة ونفعًا لها، حتى أن كثيرًا من البلدان الإسلامية لا تعرف الختان ولا تفعله، كبلاد الخليج العربي، والشمال الأفريقي، وكثير من أهل مصر، ومن هنا نجد أن الفقهاء حين ذكروه فرَّقوا بين نساء المشرق والمغرب، فدلَّ هذا على أنَّ المسألة مرتبطة بجانب الوجود (أي: الحقائق الطبية، والرصد، والتتبع)، وعلى ذلك، ذهبت « دار الإفتاء» إلى أنه إذا ثَبَت ضرر ختان الإناث ومَنْعه، فلا يجوز لأحدٍ من الأطباء الإقدام على ممارسته، إذ فيه تعدٍّ على الجسد الآدمي بدون داعٍ إليه، بل بما يترتب عليه مضارُّ كثيرة عليها: جسدية ونفسية؛ ممَّا يستوجب معه القولَ بحرمة الإقدام والإعانة عليه.
حكم عمل المرأة في الدين
وفي سياق متصل يذهب البعض إلى تحريم عمل المرأة في الدين، إلا أن «الإفتاء» تقول بأن عمل المرأة لا تمنعه الشريعة الإسلامية، والأصل فيه أنه مباح مادام موضوعه مباحًا، ومتناسبًا مع طبيعة المرأة، وليس له تأثير سلبي على حياتها العائلية، وذلك مع تحقق التزامها الديني والأخلاقي وأمنها على نفسها وعرضها ودينها حال قيامها به، فالعمل حق من حقوق الأفراد، ولكل فرد الحق في ممارسة ما شاء من أنواع الأعمال المشروعة؛ ليُحَصِّل نفقتَه وينفع مجتمعه ويمكنه العيش بكرامة، إضافة إلى ذلك لم تُفَرِّق الشريعة الإسلامية بين المرأة والرجل في هذا الحق؛ فقد قال تعالى: ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُم﴾ [البقرة: 198]، وقال سبحانه: ﴿فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ﴾ [آل عمران: 195]، وروى مسلم عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- أنه قال: طُلِّقَتْ خالتي، فأرادت أن تَجُدَّ نخلها -أي: تحصد تمر نخلها-، فزجرها رجل أن تخرج، فأتت النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال:( بَلَى فَجُدِّي نَخْلَكِ، فَإِنَّكِ عَسَى أَنْ تَصَدَّقِي، أَوْ تَفْعَلِي مَعْرُوفًا).
زيارة الحائض للمقابر والمساجد غير مستحبة
زيارة للمقابر |
على صعيد آخر يزعم البعض حرمة زيارة الحائض للمقابر وحرمة دخولها المساجد، لكن «الإفتاء» ذهبت في رأيها إلى أن زيارة القبور في ذاتها مندوبة للرجال والنساء؛ لقوله ﷺ:« كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ، فَزُورُوهَا» رواه النسائي، وقد ورد في حديث النبي ﷺ :« لَعَنَ اللهُ زَائِرَاتِ الْقُبُورِ» رواه بن حبان، فهو محمولٌ على ما إذا كانت زيارتهن للقبور لتجديد الحزن والبكاء على ما جرت به عادتهن، وبالنسبة للحائض فلا مانع شرعًا من ذلك لكن بشرط أن تأمن عدم تلويث المكان، وأما بالنسبة لدخولها المسجد، فلا يجوز لها دخول المسجد لأيِّ غرضٍ إلا عابرة سبيلٍ؛ لقول النبي ﷺ:( لَا أُحِلُّ الْمَسْجِدَ لِحَائِضٍ وَلَا جُنُبٍ) رواه أبو داود، وهذا ما اجتمع عليه جمهور الفقهاء، وذلك تقديسًا لأماكن العبادة وحفظًا لها من التلويث أو الاستهانة.