صراع الأجيال |
كتبت: أميرة جمال وسارة عبد الحميد
اختلافات في الآراء، اختلافات في القيم، اختلافات في المعتقدات، العديد والعديد من الاختلافات التي يشهدها الجيل الجديد عما قبله من الأجيال، ومثلت هذه الاختلافات فجوة جيلية كانت وليدة التكنولوجيا الرقمية، والتي تجسدها مشهد لجد يقتني جريدة ورقية يجلس مع حفيده الذي ينظر في هاتفه، هذه الفجوة خلقت العديد من الآثار والتبعات المختلفة التي أثرت على الجيل الجديد في تفكيره وسلوكياته، وانطلاقًا مما سبق تناولنا الحديث عن هذه الفجوة مع الجيلين لنستنتج من ذلك هذه الاختلافات.
لن نرقى بأحوالنا سوى بالالتزام بخلق الأديان السماوية
"الجيل القديم يتصف بالطابع العقلاني"، هكذا عبرت فاطمة إبراهيم، وكيل وزارة التضامن الاجتماعي بأسيوط سابقًا وصاحبة الـ 63 عامًا، حيث أوضحت أن الجيل القديم كان يميزه الثقافة، ونستدل على ذلك من القيم التي كانت تتجلى في الأفلام القديمة فكان معظمها إن لم تكن جميعها أعمالًا هادفة، وأردفت بأنها تعتبر الجيل القديم في وجهة نظرها الشخصية أكثر احتشامًا ووقارًا وأدبًا، وذلك على الرغم من عدم الالتزام بالحجاب، واستطردت بأنه من الواجب علينا أن نستعيد هذه القيم والمبادئ المفقودة من خلال عدة خطوات، أهمها إعداد المقبلين على الزواج بتثقيفهم حول العلاقة الإيجابية بين الزوجين، إلى جانب إرشاد أسري في مجال التربية الصحيحة للأبناء.
فاطمة إبراهيم |
وأضافت أنه لابد من استعادة الرقابة على القنوات الإعلامية والأفلام والمسلسلات، والتي تتم من خلال تقويم السلوكيات التي تجسدها الشخصيات من خلال طريقة ارتداء الملابس والكلمات والألفاظ واللقطات والحركات الإيحائية، والتي يكون لها بالغ الأثر في توجيه سلوك الشباب، واستكملت بأنه من الضروري إضافة مادة « الأخلاق والقيم» في المدارس من المرحلة الإبتدائية، كما أوضحت أنها من مواليد 1960، مضيفة أن الوضع كان وقتها مختلفًا تمامًا عما نشهده حاليًا، فالوضع الحالي لا ينم عن أي التزام ديني أو خلقي، وأننا نعيش الآن مأساة حقيقية، فنحن نحيا في عصر أصبح السائد فيه هو الصراع المادي والتناحر على المناصب، وأصبح النفاق والتسلق والمؤامرات هي سيدة المواقف، وأكدت أننا لن نرقى بأحوالنا سوى بالالتزام بخلق الأديان السماوية سواء الإسلامية أو المسيحية.
فرق كبير ما بين الجيل القديم والجيل الحالي
من جانبه قال ناصر، صاحب الـ 65 عامًا، شيخ بوزارة الأوقاف، أن هناك فرق كبير ما بين الجيل القديم والجيل الحالي، ففي الجيل القديم كان هناك التزام أكثر بالقيم والأخلاقيات السائدة والسلوكيات عما نراه ونشاهده اليوم، وأن فرق التربية واضح فيما نراه في الجيل الحالي، وأضاف أن الوضع قديمًا كان يختلف تمامًا عن اليوم، حيث كان للمدرسة دور فاعل في التربية يضاهي دور المنزل، وأضاف أنهم من خلال المدرسة كانوا يتعلمون كيفية الصلاة والأسس الدينية الصحيحة إلى جانب السيرة النبوية المشرفة، وأكد أن عدم تدريس مادة الدين في المدارس حاليًا من أهم مسببات انحدار الأخلاقيات في الجيل الحالي، فالدين هو أساس الحياة، إضافة إلى ذلك أكد أنهم كانوا يلتزمون بالأخلاقيات؛ فقديمًا كنا نرى الشباب يخافون على السيدات، لذا كانت تقل الظواهر غير الأخلاقية كالتحرش الذي انتشر حاليًا بين هذا الجيل، موضحا أنه إذا أصلحنا الجانب الديني سنصلح كل شيء.
الأفلام.. هي المرآة التي تعكس الصورة الحقيقة عن مجتمعنا
وعلى صعيد آخر قال أحمد أمين، نائب مدير التحرير بجريدة الأسبوع وصاحب الـ 39 عامًا، أنه بكل الأسف فالجيل الحالي فاقد للهوية، وهذا على العكس تمامًا مما كان عليه في الجيل الماضي، وأضاف "كانوا زمان ملتزمين أكتر وده كان ناتج عن صرامة الالتزام بعادات وتقاليد المجتمع الشرقي"، وأردف بأن القيم والمبادئ التي كانوا ملتزمون بها قديمًا كانت تتجلى في الأفلام بما تعكسه من مبادئ وأخلاقيات كانت سائدة، حيث أنها بمثابة المرآة التي تعكس الصورة الحقيقة عن مجتمعنا، وهذا على النقيض مما نشهده في الأفلام الحالية والتي شاع بها الإبهار البصري المغاير للواقع، هذا إلى جانب إثارة الغرائز لجذب المشاهدات وتحقيق الأرباح المادية.
أحمد أمين |
وأكد أن ظواهر الانفلات الأخلاقي المنتشرة حاليًا كالتحرش وغيرها ليست راجعة لملابس السيدات، ونستدل على ذلك بأن هناك الكثير من السيدات اللاتي تعرضن للتحرش وهن يرتدين ملابس محتشمة، وهذا ما ينقصنا عن الجيل الماضي، فكان هناك تمسك بالقيم والعادات والتقاليد، إضافة إلى ذلك كانت التربية مسؤولية مشتركة بين المنزل والمدرسة، فما نعهده حاليًا من انهيار للتعليم وفقدان للهوية والاستسلام للأفكار الدخيلة على مجتمعنا والتقليد الأعمى للغرب كلها من مسببات الانحراف الأخلاقي الذي نراه اليوم، وأضاف أن هناك الكثير من الخطوات الواجب اتباعها لاستعادة القيم المفقودة في الجيل الحالي، والتي يأتي على رأسها الاهتمام بالتعليم إلى جانب توعية الآباء والأمهات بسلوكيات التربية السليمة، وتطوير الخطاب الديني وتفعيل دور المؤسسات الدينية (الأزهر - الكنيسة)، وعلاوة على ذلك الاهتمام بالثقافة والفنون، وذلك من خلال إنتاج أفلام ومسلسلات تتفق مع هوية المجتمع و تعيد إلي الأذهان القيم والعادات التي تخلينا عنها.
الجيل الحالي أكثر التزامًا من الجيل الماضي
كريم كمال |
وفي سياق متصل عبر كريم كمال، صاحب الـ 25 عامًا والصحفي بجريدة الأسبوع، أن الجيل الحالي أكثر التزامًا من الجيل الماضي، ويرجع ذلك إلى وجود الحياء بشكل أكبر مما كان معهود في الجيل القديم، فقد كانوا قديمًا بعقليه متفتحة أكثر من الآن على مستوى التفكير والملبس وغيرها، ولكن على مستوى الأعمال الفنية فكانت تصدر لنا العديد من القيم الهادفة على عكس ما نراه الآن، فالاختلاف يكمن هنا في القيم المُصدرة لنا عبر الأعمال الفنية، وأكد على أن ظاهرة التحرش التي تشيع حاليًا بين أبناء الجيل الجديد ترجع لأسباب كثرة منها غلاء المعيشة، وعدم قدرة الشباب على الزواج في الوقت الحالي بالإضافة إلى السوشيال ميديا والتي تلعب الدور الأكبر في انتشار هذه الظاهرة، وأوضح أنه يجب علينا ترك مساحة للخطاب الديني وتيسير أمور الزواج للتخلص من هذه الظاهرة، حيث أن ضعف التعليم وضعف دور الخطاب الديني كما سبق الذكر، من أهم الأسباب التي أدت إلى انتشار بعض الظواهر غير الأخلاقية في الجيل الحالي.