السوشيال ميديا |
كتبت: سارة الأحمدي وحنان الوالي
"القناعة كنز لا يفنى" مقولة نشأ عليها الجيل السابق، فكثيرًا ما نرى في مشاهد الأفلام والمسلسلات القديمة البساطة في الحياة، والزهد والتواضع والرضا بالقليل، وعلى النقيض من هذا نحيا اليوم في عصر السوشيال ميديا بين أحاديث «الإنفلونسرز» عن أسعار ملابسهم وخروجاتهم، هذا ما رسخ داخل نفوس الجيل الحالي ضرورة المغالاة في تكاليف العيش والتباهي أمام الناس به، دون مراعاة لشعور أبناء الأُسر المتوسطة ماديًا.
اختلاف الطبقات.. أساس ظاهرة التباهي
وفي سياق متصل غدونا نرى الكثيرين يفكرون في امتلاك أكثر من منزل ومجموعة من السيارات، على سبيل التفاخر والاستعراض، ويستخدمون مواقع التواصل الاجتماعي في توثيق مشترياتهم من الماركات العالمية، وفي إطلاع الآخرين على رحلاتهم الصيفية لأفخم المنتجعات في الشرق والغرب، ودخل إلى تلك القائمة مشاهير وسائل التواصل الاجتماعي بالعديد من مقاطع الفيديو التي يبثون من خلالها بعض مظاهر التباهي سواء بالملابس، الحفلات، بعض الوجبات، أو حتى الرحلات والانتقالات.
من ناحية أخرى رصد الاقتصادي الأمريكي "ثورستين فيبلين" ظاهرة التباهي والتفاخر في كتابه "نظرية الطبقة الترفيهية"، في أواخر الـ19، وأطلق عليها "الاستهلاك التفاخري"، حيث أوضح أن الناس في الغالب يشترون الأشياء باهظة الثمن، من دون احتياج فعلي، وذلك بغرض التفاخر أمام الآخرين أو مجاراتهم في أنماط استهلاكهم، وأنهم يبحثون من خلالها عن القبول والمكانة الاجتماعية، وليس القيمة في مقابل السعر، والتباهي في العادة يكون بين طبقتين مختلفتين في المستوى الاجتماعي، ومن الأسفل إلى الأعلى، ويفترض في هـؤلاء أن يكونوا من الأقارب أو الأصحاب أو زملاء العمل، أو من الدوائر القريبة للشخص".
السوشيال ميديا |
مواقع التواصل الاجتماعي.. مِعول هدم أم بناء؟
وبالنظر إلى انتشار هذه الظاهرة وإقبال المعلنين عليها نتطرق إلى التأثير الذي من الممكن أن تلعبه مواقع التواصل الاجتماعي في زيادة ظاهرة التباهي، وارتفاع معدل الاستهلاك التفاخري.
حيث أدى ظهور وسائل التواصل الاجتماعي، إلى اختلاف المعايير والمقاييس سواء بالنسبة إلى وسائل الإعلام أو بالنسبة إلى المؤسسات المعنية بالعلاقات العامة والإعلانات والتسويق، وانتشرت ظاهرة المؤثرين أو ما يُعرف بمصطلح "الانفلونسرز" في وسائل التواصل الاجتماعي الذين برزوا كجنود يحتلون مكانة مميزة في المجتمع ويلعبون دورًا بارزًا يزداد أهمية مع مرور الوقت، وعلى الرغم من الانتقادات الموجهة إليهم إلا أنهم أصبحوا وجهة المعلنين والشركات للإعلان عن منتجاتهم لكثرة الأعداد التي تتابعهم.
الاستهلاك التفاخري.. ما بين الرؤية ومرونة الدخل
على صعيد آخر وفي تجربة أجرتها جامعة كورنيل الأميركية نشرت دراسة في نوفمبر 2011، قامت فيها باختبار الاستهلاك التفاخري وفق عاملي الرؤية ومرونة الدخل، وكانت النتيجة أن الناس تنفق بشكل تفاخري أكبر على السلع التي يمكن لغيرهم رؤيتها، كالمجوهرات والسيارات والملابس الخارجية، وفي المقابل يقل إنفاقهم على الأشياء التي لا تظهر لعموم الناس ولا يرونها، مع ملاحظة أن الشخص قد يشتري الكماليات مرتفعة الكلفة، لأسباب نفسية، تتعلق بتقديره لذاته أو لحماية نفسه من ضغوطات تمارس عليه.
ظهور المؤثرين بداية ظاهرة التباهي
وعلى صعيد آخر تحدث كميل حاماتي، الاستشاري والباحث في التنمية المستدامة، عن بداية ظهور المؤثرين وتأثر الناس بهم فيما يُعرف بظاهرة التباهي والتفاخر، مشيرًا إلى كونها ظاهرة موجودة من بداية الإنسانية وليس من خلال وسائل التواصل الاجتماعي فحسب، بل كان الناس ينظرون إلى شخصيات بارزة كالملوك أو غيرهم من الشخصيات التي يتأثرون بها وصولًا إلى هوليوود حيث تأثر الناس بالممثلين والمشاهير واستخدمتهم الشركات لأسباب تسويقية.
السوشيال ميديا |
من جانبه حذر الدكتور محمد الحامد، استشاري الطب النفسي، مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي من التباهي بالمظاهر وخصوصًا في الأمور المرتبطة بالزواج، إذ يترتب على ذلك انعكاسات نفسية كبيرة على المقبلين على الزواج، ومن ذلك عزوف الشباب عن الزواج بسبب تأثر الفتيات بما يشاهدونه في مواقع التواصل من حياة الرفاهية والبذخ والإسراف والمبالغات في الملابس والحُلي عند الفتيات اللواتي يضعن شروطًا ومعايير ومواصفات لفارس أحلامهن.