كتبت: حنان الوالي وسارة الأحمدي
تلعب الدراما التليفزيونية دورًا كبيرًا في إلقاء الضوء على قضايا المجتمع من خلال تقديم أعمال تضع يدها على قضايا حساسة ومهمة تمس كل شرائح المجتمع، حيث استطاعت أن تنقل للمشاهد صوتًا وصورة لواقعه ومشكلاته التي يعانيها، ولم تكتفِ بذلك بل حاول أغلبها تقديم توعية لتلك القضايا والمشكلات مهما كان مجال التوعية المقصود صحيًا، فكريًا، أو اجتماعيًا، ونستعرض في السطور التالية بعض الأعمال الفنية، التي نقلت الأفكار المغلوطة السائدة في المجتمع المصري كمحاولة لتقديم معالجة بشكل يجعلها رسالة واضحة لعدد كبير من الناس وهو ما حدث مؤخرًا من خلال تقديم عدد كبير من الأعمال الواقعية؛ ليشعر المشاهد بأنه جزء أصيل من الحكاية التي يشاهدها.
«حضرة العمدة» يناقش قضية الختان
سلَّط مسلسل "حضرة العمدة" المعروض في 2023 ومن بطولة الفنانة روبي، وتأليف الكاتب إبراهيم عيسى، الضوء على قصة إحدى السيدات بعد أن تولت عمودية قريتها، حيث ظهرت في مشهد وهي تمنع جريمة ختان، وحاولت الإبلاغ عن الطبيبة التي تنفذ تلك العمليات، كما قامت بتحذير أهل قريتها من الختان مؤكدة أنه مُجرّم في القانون.
إلى جانب هذا يعرض المسلسل الدرامي توعية دينية من خلال إظهار شخصية مدير مدرسة ولكنه متعصب دينيًا، يُجبر جميع الفتيات في مدرسته على ارتداء الحجاب كـ زي رسمي رغم اعتناق البعض منهم للديانة المسيحية.
طبيعة معالجة الدراما للأفكار المغلوطة
وفي إطار هذه القضية حدثتنا كريمة محمود، ناقدة فنية، عن طبيعة معالجة تلك الأعمال للأفكار المغلوطة السائدة في المجتمع، وأشادت بمعالجة مسلسل "حضرة العمدة" لقضية الختان حيث أنه لم يكتف بعرض قضية الختان على أنها فعل خاطئ بل قدموا ترهيبًا لكل من يُقدم على هذا الفعل، كما عرضوا مشهدًا لمحامي يخبرهم بعقوبة من يقوم بختان فتاة من الأهل أو الطبيب القائم بها مما جعله يتميز في معالجة تلك القضية، كما أشاد المجلس القومي للمرأة بذلك المشهد.
وكان المجلس قد تفاعل مع مسلسل حضرة العمدة وكتب على صفحته الرسمية أن: "المسلسل تناول قضية مهمة وهي ختان الإناث إذ دافعت فيها "حضرة العمدة" عن حق الفتيات في أن يعشن بكرامتهن دون إهانة أو تشويه أو بتر جزء من أجسامهن بغير وجه حق وبشكل مخالف لما جاء في القانون والدين".
مسلسل « زي القمر» يعالج قضايا متعددة.. وحكاية «عقبال عندك» لم تقدم معالجة حقيقية
بينما عالجت حكاية «عقبال عوضك»، من تأليف حسن صالح وهبة حسني، والتي قدمتها الفنانة مي كساب ضمن حكايات مسلسل «زي القمر»، ما تعانيه شريحة كبيرة من الفتيات اللاتي تعرضن لمشاكل من المجتمع ونظرته لهن بسبب تأخر سن زواجهن، حيث جسدت معاناة الفتاة ونظرة المجتمع مع تأخر سن زواجها، وقد ناقش المسلسل أيضًا مشاكل ما بعد الزواج مثل «قايمة المنقولات»، وذلك من خلال حكاية «بدون ضمان»، والتي قدمتها هاجر أحمد وهنادي مهنا.
وعلقت كريمة على معالجة حكاية «عقبال عوضك» قائلة أنه على الرغم من نجاحه في كسب انتباه عدد كبير من الجمهور إلا أنه لم يُقدم معالجة حقيقية لنظرة المجتمع للفتيات المتأخرة عن الزواج، فبدلًا من إنهاء القصة بزواج البنت كحل نهائي لتعرضها للضغط النفسي من المحيطين بها ليس حلًا حقيقيًا لتلك المشكلة، فعلى الرغم من نجاحه في عرض جوانب هذه المشكلة، إلا أنه كان من الضروري عرض حلول لها بطريقة أفضل، ورجحت أن الجمهور المصري كثيرًا ما لا يقبل النهايات غير السعيدة أو المفتوحة.
وسلط مسلسل "إلا أنا" الضوء على عدة قضايا إجتماعية وغيرها أخرى مثل قضية التحرش والتي قدمتها الفنانة سهر الصايغ في حكاية "بيت عز"، من تأليف شريف يسري، فكل هذه القضايا استطاعت الدراما أن تلقي الضوء عليها.
وفيما يخص عرض نظرة المجتمع للفتاة التي تسعى لأخذ حقها من المتحرش بها قالت «كريمة» أن هناك أعمالًا كثيرة تناولت تلك القضية لكن ما اختلف في حكاية "بيت عز" هو دعم والدها لها لتقديم شكوى لكي تأخذ حقها، كما تم تناول المشكلة بشكل واقعي.
الدراما في مواجهة الأفكار الحديثة
وتصدت الدراما لأفكار حديثة أصبحت مسيطرة على عقول الكثير مثل كيفية التصدي لظاهرة (الترند) ومساوئ "السوشيال ميديا" من خلال مسلسل "ورا كل باب" بتقديم حكايات مختلفة على مدار جزئين أهمهما «كدبة كبيرة»، و «عائلة جيجي»، وتتحدث حكاية "كدبة كبيرة "بشكل واضح عن خبايا مواقع التواصل الاجتماعي، وكيف يسيء بعض الشباب من العاطلين عن العمل استغلالها لتحقيق شهرة في وقت قصير لجني مكاسب مادية خيالية من خلال الخروج على الأعراف والتقاليد، وتتبعها حكاية "عائلة جيجي" فهي ترصد هوس ركوب (الترند) الذى يعد من أخطر وسائل إدمان الإنترنت وأكثرها سلبية على الأسرة والمجتمع، وخاصة مواقع التواصل الاجتماعي التي يسعى من خلالها بعض الأفراد إلى التربح بطرق غير قانونية، كما جاء في ثنايا تلك الحكاية أو المسلسل الذي يناقش قضايا عديدة منها العلاقات القائمة على الاستغلال.
تعددت الأعمال الدرامية التي طرحت قضايا تهم المجتمع كافة لكن الجانب الأهم هنا ليس في طرح القضية وواقعتها، لكن في محاولة جادة وواضحة من صناع الدراما لإيجاد حل لهذه المشكلات إما بعرض كيفية وطريقة التعامل معها أو إعطاء نصائح غير مباشرة للمشاهد حتى لا يقع في مثل هذه المسائل التي أصبحت تمس المجتمع بشكل كبير.
وأشارت "محمود" إلى أن الدراما المصرية لم تقدم حتى الآن معالجة كافية للمشكلات المجتمعية المختلفة، فأغلب الأعمال تكتفي بعرض المشكلة، وجوانبها فقط دون التطرق لعرض حلول كافية لتلك المشكلات، موضحة أن ليس كل الأعمال تعرض المشكلات من أجل تقديم حلول لها، لكن بعضها يعرض هذه المشكلات من أجل لفت انتباه المجتمع لتلك المشكلة، لعرضها وتناولها من الأفراد أنفسهم، وهذا أيضًا هدفًا ساميًا للدراما.
وأضافت أن الأعمال الدرامية التي تتناول المشكلات المجتمعية ينقصها ثلاث أهداف رئيسية أهمها عرض المشكلة، وتوعية الجماهير بها، ومن ثم عرض حلولًا جادة لها، كما أنه من الضروري عرض عمل درامي يتناول المشكلة بشكل أساسي، لا أن تكون مهمشة ضمن أحداث، وقضايا أخرى.