ماجدة خير الله |
كتبت: إيمان ياسر، سها صلاح، ندى علاء، فاطمة الزهراء أحمد هزاع
"الراجل مبيعيطش"، "ضل راجل ولا ضل حيطة"، كلمات وجمل مغلوطة نسمعها كثيرًا، ونراها في الأفلام ونشاهدها في الواقع، أثرت على حياتنا وقامت بتنميط مجتمعنا، ولكن ما هي علاقة الدراما بتلك الأفكار المغلوطة؟
كيف قدمتها الدراما المصرية؟ هل ساعدت على ترسيخها؟، أم واجهتها وناقشتها؟،أم نقلتها كما هي؟، هذا ما سنتعرف عليه في نظرة مقربة على واقع الفن المصري والأفكار المغلوطة في حوارنا المفتوح مع الناقد الفني طارق الشناوي، والناقدة الفنية ماجدة خير الله.
الدراما والمجتمع والأفكار المغلوطة تحت الميكروسكوب
في البداية لخصت الناقدة الفنية ماجدة خير الله العلاقة بين الدراما والمجتمع والأفكار المغلوطة في:"الفن يعبر عن الواقع"، واستطردت قائلة "أن النظرة الذكورية والنظرة للمطلقة مثلًا هما متواجدين في المجتمع بالفعل، والفن يقوم بنقلها، وتلك الأفكار السلبية يظهر تأثيرها على المجتمع وعلى الأسرة وعلى السيدة وعلى الرجل أيضًا، فالمشكلة أصلها المجتمع، لذلك فإن الحل يكمن في المجتمع، يجب أن يكون هناك رغبة وإرادة من المجتمع لتغيير تلك الأفكار المغلوطة.
ثم أوضحت أن النظرة للمرأة المطلقة بشكل سيء هي أحد الأمثلة الواضحة على ذلك، فالتي تنظر النظرة السلبية للمرأة المطلقة هي المرأة نفسها، فلو سيدة قيل لها أن ابنها سيتزوج من مطلقة، ترفض وتحارب الفكرة بشدة، ولو كان الموقف مع بنتها لحزنت وتناقض تصرفها.
طارق الشناوي: " نحن أسرى لكثير
من الأفكار المغلوطة"
أما الناقد طارق الشناوي فهو يرى أننا أسرى كثير من الأفكار المغلوطة لأنها الأسهل والأقرب للمصداقية والأكثر شهرة، وأوضح قائلًا: "أن الإنسان عدو ما يجهل، وهذا ينطبق على الأمثال الشعبية ولكن المشكلة تكمن في أن تلك الأمثلة نفسها تتناقض مع بعضها أحيانًا وتصدر فكر مغلوطة أحيانًا أخرى".
فنتبادل أشياء ذكورية مثل" ضل راجل ولا ضل حيطة"، والكلام يتداول حتى بين السيدات، فمثلًا نطلق على الست الشجاعة رجل وكأن ذلك الشيء الإيجابي فقط وأن الأنوثة سبة في حد ذاتها.
ولم يسلم الرجل من تلك الأفكار المغلوطة وهذا ما أشارت له "خير الله"، فقول مثل " الرجل لا يبكي" في عالمنا العربي، وينمط عليه الطفل منذ نعومة أظافره، فيضرب ويقال له " بتعيط ليه؟ ده انت راجل"، حتى في حالات الحزن الشديدة كوفاة الأم، يخبره أنه رجل والرجل لا يبكي، وكأنه كتلة حديدية، لذا فعند إنتاج عمل درامي سينقل هذه الصورة المغلوطة، فهو لن ينقل عن مجتمع أخر بل سينقل واقع مجتمعنا.
وهذا ما أكده "الشناوي" فقال :"جمال عبدالناصر كان رجل صعيدي ورمز القوة عادي وبكى على الشهداء، فالبكاء ليس قرينة على الضعف لكنها حالة نصدرها ونعيدها".
طارق الشناوي |
الدراما والصورة النمطية
يرى "الشناوي" أن الصورة النمطية ترتبط بالدراما إذا لم تنضج، فلو نضجت قدمت فن حقيقي وليس نمطي، وهذا يظهر في أعمال كاتب مثل عبد الرحيم كمال الذي يبلغ عمره الفني حوالي ٢٠ سنة، بالإضافة أنه صعيدي بدأ يقدم شخصيات صعيدية رجل أو امرأة بشكل حقيقي غير نمطي.
أما "خير الله" فلا تتفق مع أن الدراما تساهم في تقديم صور نمطية، فمثلًا المرأة في الدراما، ممكن تكون سيدة شعبية أو دكتورة، ويوجد أنماط كثيرة بالأعمال الفنية تقدم المرأة في أشكال مختلفة، إلا أن الأعمال التي تقدم عن الصعيد، حصرت صورته في الثأر، مع أن الصعيد به جامعات وواقع مغاير.
أما المرأة ودور البطولة في الشاشة يرى "الشناوي" أنها لم تحصر في دور معين مثل دور"أمينة" التي كانت نمط في الستينيات، وعاصرها أدوار أخرى قدمت المرأة بصورة مختلفة كسعاد حسني وفاتن حمامة، كما كان هناك أعمال إيجابية تقدم للمرأة وفيها قوة زي الخيط الرفيع مثلا، أريد حلا.
إلا أن دور البطولة في الربع قرن الأخير لم يعد للمرأة بشكل واضح لكنها ليست صورة من سي السيد، ويرجع هذا من وجهة نظره أننا أصبحنا نميل ألأفلام العنف والكوميديا وهما شيئين المرأة بعيدة عنهم.
وناقشت "خير الله" دور الدراما في معالجة قضايا المجتمع فوضعت شرط لكي يساهم الفن والدراما في تصحيح الأفكار الخاطئة أن يقدموا الشكل الصحيح لبني آدم ناجح محترم إذا مر بمواقف معينة يبكي، وأن بكاءه لا يقلل من قيمته ومكانته في المجتمع؛ لأن هذا هو الوضع الطبيعي، مثل فيلم " لا تبكي يا صديق العمر" لفريد شوقي مع نور الشريف.
ماجدة خيرالله: "الفن يرصد وجود ظاهرة ولكن لا يعالجها"
وكذلك المرأة إذا بكت يجب تقديمها بدون مبالغة أو تقليل في الانفعال حسب الموقف نفسه، ويجب مراعاة أن ليس كل الناس تبكي بنفس الطريقة ولا تتأثر بنفس الدرجة، ولكن لا تقدر الأعمال الفنية أن توقف أو تغير، فهي مشكلة مجتمعية لا بد للمجتمع أن يتصدى لهذه الظاهرة وليس الفن، الفن يخبرنا فقط إن الظاهرة موجودة لكن ليس دوره أن يعالجها، ولكن يسلط الضوء عليها، مثل فيلم بطولة نيللي كريم وبشرى اسمه" 678" الذي ناقش قضية التحرش.