حنان الوالي |
«الإنسان طبيب نفسه»، عبارة كثيرًا ما تتردد على أسماعنا لينشأ على أثرها حالة من الجدال بين الأجيال المختلفة؛ فتتمايز الأجيال ما بين أجيال تربت عليها وتؤمن بها حد القناعة، وآخرين يرفضون وجودها، وذلك على الرغم من أن كل ما في الواقع يشير إلى أن هذه العبارة ما هي إلا خرافة، فهناك معادلة نسبية توضح أنه إذا وُجد الطب بطلت الخرافة والشواهد على ذلك كثيرة، ولعل ما أوثق به رأيي هو عمل فني، نقل من خلاله حياة شخص عايش إحدى قرى محافظة كفر الشيخ، وكان طبيبًا يواجه الخرافة والدجل إلا أن الطب انتصر في النهاية، ولكن بأي طريقة انتصر؟.
«مسلسل بالطو» الذي عُرض ضمن مسلسلات رمضان 2023، واعتمد فقط على مخاطبة العقل حتى تقتنع لتغيير سلوكك فيما بعد، وهي رسالة القصة التي أراد صناع العمل إيضاحها إلى جانب عنصر الكوميديا، وتم تعريف كلمة الخرافة في معجم المعاني الجامع على أنها "كل حديث مضحك مكذوب"، ووفقًا للتعريف الذي فسره الباحثين فهي الاعتقاد أو الفكرة القائمة على مجرد تخيلات دون وجود سبب عقلي أو منطقي مبني على العلم والمعرفة، وأما عن الطب فيعني علاج الجسم والنفس وفقًا للمعجم، وقد ظهر مصطلح الطب مع بداية الحضارة المصرية وظل يتطور العلم وأدواته حتى بدايات العصر الحديث، فعندما عرف الإنسان الداء بدأ يبحث عن الدواء.
والمشكلة الحقيقية الممتدة عبر العصور هي أن الفرد لا يستطيع أن ينقطع عن نسل ماضيه، فنجد بعض الآباء في عصرنا الحالي مازالوا متأثرين بما ورثوه من أخطاء وخرافات عن أجدادهم، وهو ما ظهر جليًا في عدد كبير من مشاهد «بالطو»، فعندما مرض أحد من أهل القرية وحاول الطبيب التدخل لعلاجهم لم يلقى قبول، مع أفضلية الذهاب لدجال قرية "طرشوخ الليف" ليطبب جراحهم ويعطيهم «شربة الدواء» الضارة بأجسادهم المفيدة من وجهة نظره، وعندما حاول الطبيب توعية أهل القرية في مبادرة منه؛ حاربه هذا الدجال ودبر له المكائد كي يتخلص منه ويظل متربع على لقب المعالج الخبير بالطب ووصفاته.
لتأتي نهاية العمل بشكل متقن، حيث أصيب هذا الدجال، المؤمن بالخرافات، في حادثة نُقل على أثرها إلى الوحدة الصحية، لينقذه ذاك الطبيب ويعيده للحياة مرة أخرى، كي تصل بذلك رسالة احترافية بشكل غير مباشر للجمهور تدلل على انتصار الطب بعد صعوبات في ظل آفة البشر الحاضرة وهي الخرافة.
إلا أن هناك الكثير والكثير من الشواهد والدلائل العلمية بل والإلهية، أن الطب علم عجز عن تفسيره مؤمني الخرافات، لأن في الإيمان ببعض الخرافات معصية لله مثل قوله "وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر"، وهناك جُلل من الآيات البينات على ذلك في جميع الكتب السماوية، وعلى الإنسان أن يكون عاقلًا مفكرًا مدبرًا، وواعيًا، حتى يتخلص من آفة الخرافة، وأود الإشارة إلى أن الطب فيه التزام بالقوانين والدساتير التي لا يلتزم بها أرباب الخرافة، وقد يرتكب الإنسان في نفسه خطأً فادحًا إذا ظن أنه الطبيب، خاصًة إذا كان لا يمتلك العلم الكافي الذي يؤهله لمعالجة نفسه، ومن هنا « فالخرافة باطلة أمام الطب».