أحمد عزالدين |
حوار: أحمد حسن وكرستين عوني
يبدو أننا اعتدنا على الفكر القائل بأن الغرب لهم الريادة عن العرب والمصريين؛ بالأخص في المجال الرياضي، وبما إنك تقرأ الآن في باب الأفكار المغلوطة عن الغرب قد تعتقد بأنها فكرة مغلوطة في عقولنا وسنعمل على تصحيحها، ولكن في الحقيقة لا، فهذا واقع علينا الإعتراف به، كما علينا أيضًا الإيمان بأن الفروق قريبة للغاية والإمكانيات والمواهب متواجدة والأمثلة على ذلك عديدة.
وعلى سبيل المثال، فقد تمر على أحد المقاهي وتجدها مزدحمة بالعديد من الناس الذين يصرخون ويتفاعلون بشدة مع إحدى المباريات، ثم تنظر فتجد "محمد صلاح"، متفوقًا على كبار نجوم العالم، ويفخر به الجميع كأنه فرد من عائلاتهم ولا تسعهم الفرحة لرؤيته على الشاشات ومنصات التتويج؛ حتى أصبح أيقونة وقدوة يقتدي بها الجميع.
فالقاعدة يمكن أن تُكسر ليست بالشيء المستحيل، ولكن ماذا ينقصنا للوصول لتلك المرحلة؟ ما الفروق الأساسية ؟ وكيف يمكننا التغلب على السلبيات التي تمنعنا من تحقيق ذلك ؟
وهذا ما سنجيب عليه في حوارنا مع "أحمد عزالدين" المحلل الرياضي ومقدم البرامج الرياضية.
في البداية ما هي الأسباب من وجهة نظرك التي تجعل الغرب يتفوق رياضيًا ؟
افتتح أحمد عزالدين حديثه قائلًا إن الموهبة متوفرة في كل الأماكن، فكل فرد له موهبة منحها له الله عز وجل، ولكن النجاح الحقيقي يكمن في اكتشاف تلك المواهب ومساعدة من يملك الموهبة أولًا في إدراكها واستيعابها منذ الصغر ثم العمل على تطويرها، ولذلك الكشف عن المواهب هي الخطوة الأولى والأهم، ويأتي بعد ذلك واجبنا في تقديم الأدوات والإمكانيات اللازمة للنجاح فهي تظل عنصرًا ضروريًا حتى وإن كان الشخص موهوبًا بالفطرة، فلا موهبة تبقى بدون إمكانيات.
وأكمل، هذا هو السبب الرئيسي لتفوق الغرب علينا رياضيًا، فالمشكلة لا تكمن في أنهم يمتلكون مواهب أكثر، بل في نجاحهم في خلق مناخ مناسب لتنمية الرياضيين ومساعدتهم على الوصول لقمة مستوياتهم، والعمل على جميع الجوانب ليس جانب واحد فقط، من علم وتكنولوجيا ولياقة بدنية لهم بالإضافة للعمل على بناء شخصية الرياضي منذ صغره.
وأضاف، لذلك الموهبة في الغرب لديها فرصة أكبر للنمو والتطور، ناهيك عن فرصتها الأكبر في الوصول للأندية الكبرى والبطولات العالمية.
وهل تعتقد أن مقولة "البطل يستطيع أن يصنع نفسه بنفسه بغض النظر عن البيئة المحيطة" صحيحة؟
قال أحمد، بالتأكيد البطل يمكنه أن يصنع نفسه بنفسه متحديًا كل الظروف المحيطة به، والنماذج على ذلك كثيرة أبرزهم "محمد صلاح" الذي بدأ من الصفر، بإعتباره الأكثر نجاحًا في كرة القدم الرياضة الأكثر رواجًا في مصر.
وهل تعتقد أن هناك مفاهيم خاطئة عن الرياضة في مصر؟
"بالطبع هناك أفكار خاطئة، وما يميز الغرب عن المصريين في الرياضة هو العقلية"، هذا ما قاله عزالدين، وأضاف، الطفل في الغرب من صغره يتعامل مع الرياضة على أنها شيء أساسي ومن ضروريات الحياة، أما الطفل المصري فيعتبرها لعبة وترفيه فقط.
وأردف، اللاعيبة في الغرب يتعاملون مع الرياضة باحترافية شديدة وليس كوسيلة للترفيه، فيخصصون جوانب عديدة من حياتهم ويقدمون تضحيات كبيرة في سبيل الوصول لقمة النجاح في المجالات الرياضية.
وفي رأيك، لماذا نستعين بخبراء أجانب في معظم الرياضات هل هي "عقدة خواجة" أم هم أكثر تطورًا ؟
الاستعانة بخبراء أجانب لتطوير المجال الرياضي ليس أمرًا سلبيًا بكل تأكيد، فمعظم دول العالم تفعل ذلك، فبعضهم قد يملك علمًا واسعًا في بعض المجالات قياسًا بالوضع هنا، ولكن الشيء السلبي بأننا نأتي بتلك النماذج ولا نستفيد منها، فلا نقوم بتدريب الكوادر والشباب على غرار الغرب، ولا ننقل الخبرات للأجيال الصغيرة حتى نستطيع بناء رياضي ناجح.
وأخفض صوته وقال "نحن نتواكل فقط على الغرب لتسهيل أمور حياتنا، فنبحث عن مساعدتهم لمساعدتنا"، وأكمل، "وعلى رأي المثل الصيني الشائع "لا نريد منهم تعليمنا الصيد بل نريد السمكة فقط".
وأشار إلى أن العلم يتطور في الخارج في جميع أنحاء العالم أما هنا فنحن ننقل فقط بدون أي مسايرة لركب التطور العالمي، ليس في الرياضة فقط بل في معظم المجالات.
أحمد عزالدين |
وما الذي ينقصنا لمنافسة الغرب والتفوق عليهم في المحافل الدولية ؟
أجاب عزالدين "ما ينقصنا بكل تأكيد حتى نستطيع الريادة في المجال الرياضي هو توفير المناخ المناسب لنجاح الرياضي نفسه، مثل توفير الميادين الرياضية المختلفة والملاعب الرياضية وصالات الچيم، وأيضًا ضرورة إتاحة الرياضات المختلفة في أماكن متنوعة مجانًا".
وأضاف، الأمر لا ينتهي هنا فيجب العمل على البحث عن المواهب في تلك الميادين الرياضية وتبنيها من صغرها، ثم تأتي الخطوة الثالثة بأن ترسم لهم طريق النجاح وتوفر لهم بعضًا من الحلول للعقبات التي يواجهونها في ذلك الطريق.
وطرح المحلل الرياضي مثالًا وقال، نرى أنه في الغرب يتم الربط بين مصاريف الجامعات وممارسة الرياضة، فمن يمارس رياضة ما ويتفوق بها يكن له تخفيض على مصروفات الجامعة، كنوع من أنواع التشجيع على ممارسة الرياضة والاهتمام بها كجزء أساسي من حياة الشباب مثلها مثل التعليم، وعلق بحزن "تحفيز المواهب هو عامل إيجابي مهم جدًا وينقصنا في عالمنا العربي للأسف".
وما رأيك في الرياضيين المصريين الذين قرروا اللعب لجنسيات أخرى بالخارج؟ وما السبب ؟
"كل شخص له قصته وحكايته الخاصة به التي لا يمكننا أن نعرف كل الكواليس المحيطة به، وبالتالي من الصعب أن نعمم بعض الحالات الفردية بأنها مشكلة عامة، إلا إذا تكررت تلك الحالات؛ فبالتالي يجب أن ندرك أن هناك سوء إدارة بالطبع في التعامل مع المواهب الرياضية المصرية"، هكذا قال المحلل الرياضي، وأضاف" وقتها يكون هناك ضرورة ملحة لتحليل تلك الظاهرة ومعرفة أسبابها والعمل على إيجاد حلول لمنعها من ألا تتكرر مرة أخرى".