أخر الاخبار

"التنمر مزاح" و"تمييز الذكور واجب".. أفكار مغلوطة منبعها التربية

 

أفكار مغلوطة منبعها التربية

كتبت: إيمان ياسر- وسام عمرو

لا شك أن الأفكار المغلوطة التي تترسخ في أذهان كل منا منبعها الأساسي هو التربية، فيُقال: "من شب على شيء شاب عليه"، وعلى ذلك فإن الأفعال التي يراها الطفل في الصغر سينفذها حتمًا في الكبر، ومن هنا فإن للأسرة دورًا كبيرًا في تصحيح العديد من الأفكار المغلوطة التي لا تقود صاحبها إلا إلى التهلكة. 

مرحلة الطفولة.. بداية تكوين الشخصية

في مرحلة الطفولة، والتي تعد من أهم المراحل العمرية، تبدأ شخصية الفرد في التكوين، ويستمد شخصيته من خلال المجتمع الصغير الذي يحيطه، فيقوم بتقليد كل ما يراه بدون تفكير، فعقله مازال صغيرًا غير قادر على التمييز بين الصواب والخطأ، ولذلك دور الأهل في هذه المرحلة يكون كبيرًا ومؤثرًا، فما يفعلونه ويفكرون به هو ما سيفعله الطفل.

وفي هذا السياق يقوم العديد من الأهالي أحيانًا بأخطاء تؤثر على أطفالهم دون إدراك منهم أن ذلك التأثير سيبقى معه طوال حياته، ومنها التنمر على الطفل على سبيل المزاح، أو التنمر على شخص آخر وأخذه مادة للسخرية، هذا التصرف يشكل فكرًا مغلوطًا عند الطفل، وهو أن التنمر ليس فعلًا خاطئًا بل إنه مزاح مقبول، فطالما أن والديه فعلوا ذلك فهو بالطبع تصرف ليس خاطئًا، هكذا يفكر الطفل في تلك المرحلة.

فكشفت دراسات أجرتها منظمة الصحة العالمية، أن هناك 30% على الأقل من الأطفال مشاركين بظاهرة التنمر المدرسي، سواء كانوا مُمارسين أو ضحايا، كما نشرت اليونسكو إحصائيات حديثة أوضحت أن هناك ربع مليار طفل في المدارس يتعرضون للتنمر من إجمالي مليار طفل يدرسون حول العالم.

المراهقة.. تغيرات من كافة النواحي

أما في مرحلة المراهقة وهي مرحلة انتقالية شديدة الخطورة، يرغب الأبناء في كسر كافة القيود خاصة القيود الأسرية، فيثورون على ما تربوا عليه وينجذبون أكثر للأفكار الخاطئة، ولذلك يجب فهم تلك المرحلة جيدًا وكيفية التعامل معها، وفيها يطرأ على المراهق مجموعة من التغيرات، أولها ما يحدث من الجانب النفسي، حيث يبدأ بالرغبة في التحرر من سلطة الوالدين؛ ليشعر بالاستقلالية والاعتماد على النفس، وبناء المسؤولية الاجتماعية، فيبدأ بتكوين علاقات عاطفية، وهنا يؤثر تعامل الأهل معه في تلك المرحلة على تكوين فكره حول ماهية الحب، فهناك أهالي تستقبل الحب في هذا السن بأنه شيء مُجرم وغير مقبول، وهناك من يتعامل بلامبالاة فيعتقد المراهق أن بإمكانه فعل ما يريد تحت مسمى الحب، بدون قيود.

ومن الأفعال الخاطئة التي يقوم بها الأهل في تلك المرحلة التمييز بين الولد والبنت، فيبدأ المراهق في تكوين مجموعة من الأفكار المغلوطة في ذهنه سرعان ما تقع في أرض الواقع وتضر المجتمع ككل، حيث يمارس ذكوريته، ويعتقد بأنه له حق على الأنثى حتى وإن كان خطأ، كما يمارس كل الموبقات تحت عبارة "أنا راجل". 

هذه التربية تؤدي كذلك إلى تكوين فكر مغلوط عند المرأة عن الرجل أنه عدوها، وأن العلاقة بينهما علاقة حرب وليست علاقة تكامل.

الأفكار المغلوطة سبب ارتفاع معدلات الجرائم

ولا شك أن تلك الأفكار كان لها دور كبير في زيادة معدلات الجرائم، ووفقًا لمرصد جرائم العنف القائم على النوع الاجتماعي، التابع لمؤسسة "إدراك للتنمية والمساواة" المصرية، هناك ارتفاع في عدد الضحايا الناتج عن العنف ضد المرأة في مصر بنسبة 96% في عام 2021، وبلغ عدد الضحايا خلال نفس عام، بحسب تقرير المرصد، 813 حالة مقابل 415 في عام 2020.

لذا فجميع الأفكار المغلوطة السائدة في المجتمع منبعها هو التربية، ولكي نعالجها ونقضي عليها يجب أن نبدأ بالأهل، وحتى يحدث ذلك يجب كسر أول فكر مغلوط سائد، وهو أن الأهل ليسوا بحاجة للذهاب إلى لأخصائي تربوي، لإعداد طفل سوي نفسيًا. 




حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-