نهى لملوم |
هل فكرت يومًا ما هو دورك الاجتماعي؟ وهل هناك وصفة مجتمعية تُمنح إليك بدقة بناء على جنسك في شهادة ميلادك لتمل عليك أفعل ولا تفعل؟
هل كتمت دموعك يومًا وابتلعت بكاءك خوفا من أن تسمع
مقولة « شش لا تبكي فالرجال لا يبكون»!
فبكاء الرجل في "وصفة دورك المجتمعي السرية" هي ضعف وسمة من سمات النساء وعنصر وصم قد يلحق بصاحبه التنمر المجتمعي الذي لا يرحم .
الحال نفسه إذا ما تم ضبطك تهتم بمستلزمات العناية بالبشرة الطبيعية كاستخدامك لكريم واق من أشعة الشمس الضارة لتنهال عليك نظرات الريبة وتخشي كلمات التقليل من رجولتك أو وصمك لا لشيء سوى أن "وصفة دورك المجتمعي السرية" تقول في صفحتها الثانية الرجال لا يرطبون بشرتهم فالرجل خشن ويتحمل حروق الشمس لا ضرر في ذلك طالما لا يقبل المجتمع.
كم مرة تراجعت عن حمل صغيرتك وإطعامها كعادتك في تجمع عائلي بعينه خشية من أقاويل وهمزات سيدات العائلة من نوعية "عمرنا ماشفنا رجالة بتأكل عيالها هو ست ولا أيه".
وغيرها وغيرها من مواقف حياتية عابرة كنت تلعب فيها دور من أدوار أفراد الأسرة الطبيعية كمشاركة تحضير الطعام، اصطحاب الأطفال من الروضة، شراء الخضروات، تضعك كرجل أمام عشرات التساؤلات وقوالب الوصم المجتمعي المعلبة التي تتلقاها النساء في اليوم مئات المرات حتى أصبحن معتادات على ذلك وربما لم يعتد الرجال بعد.
ببساطة ما تفعله المجتمعات من تمييز ووصم مجتمعي إذا لزم الأمر ووضع دوائر مغلقة لكل دور من أدوانا المجتمعية خشية تغيير الموروثات هو ما يراه المجتمع من وجهة نظره " هذا ما عهدنا عليه آبائنا" .
لنأتي لتوضيح " ماهو النوع الاجتماعي " هو ببساطة الأدوار المجتمعية التي يلعبها الأشخاص في مجتمعاتهم بغض النظر عن نوع وجنس الولادة ذكر أو أنثى وتختلف هذه المحددات والأدوار وفقا للزمان والمكان والثقافة والعادات وغيرها لذلك هي أدوار غير ثابتة تتغير وفقا لظروف الحياة إلا أن بعض المجتمعات تتشبث بعدم تغيرها وتصم كل من يحيد عنها.
فالفتاة التي كانت تناضل لتخرج للتعليم في القرن الماضي تغير دورها المجتمعي التعليمي الذي كان مقتصرا على الرجال فقط وأصبحت تتعلم بشكل بديهي ثم تغير دورها الإنتاجي في المجتمع من النساء تعمل داخل المنازل فقط "شغل البيت" وفجأة أصبحت تعمل النساء ومع تغير المجتمع أصبحت تعول أسرة في أحيان كثيرة فتغير دورها المجتمعي مجددا لتصبح امرأة عاملة معيلة بحاجة لدعم الزوج في بقية الأدوار الأخرى.
فربما يحصل الزوج على إجازة رعاية طفل وهو أمر لم يعد على سبيل الدعابة فمؤخرا شهد البرلمان المصري مقترحا من عضو مجلس شعب وليس عضوه بالمناسبة لمنح الزوج إجازة لرعاية الطفل عند استقبال الأسرة مولود جديد، هنا ظهر دور جديد تماما على الرجل وهو مشاركته في الدور الإنجابي الذي كان مقتصرا فقط على المرأة بمجرد وضعها للطفل عليها تحمل تبعات ذلك كرعايته بشكل منفرد ليتسع ذلك الدور ويشمل إدماج الزوج في رعاية الطفل والأسرة وهو أمر إذا طرح على أجدادنا في الماضي القريب لسقطوا مغشياً عليهم من هول الخبر فما كان ملائم في الماضي لم يعد كذلك اليوم .
أصبحنا نرى أيضا دمجا للنوع الاجتماعي في الموازنات العامة للدول، فملفات عديدة في قطاع الصحة والتعليم مستجيبة للنوع الاجتماعي فهناك رعاية صحية للنساء تخص أمراض النساء كتخصيص ميزانية لحملات التوعية بسرطان الثدي كما نراها في شهر أكتوبر وأخرى تخص الرجال كحملات للتوعية بسرطان البروستاتا، وميزانيات تخصصت لحملات مكافحة ختان الإناث وهي جميعها قرارات مستجيبة للنوع الاجتماعي الذي يتغير على مر الزمان ليساهم في تقليل الفجوة بين
احتياجات النساء والرجال وأدوارهم المجتمعية لتسهيل تلك الأدوار من جهة ومن جهة أخرى لتقليل الوصم والتمييز السلبي والعنف القائم على النوع.