الطب البديل ينهي حياة مؤسس شركة «أبل» |
كتبت: سها صلاح، ندى علاء
بعدما أحدث ثورة فى صناعة الكمبيوتر والموسيقى والاتصالات المحمولة توفى عن عمر ناهز 56 عامًا بسبب مضاعفات سرطان البنكرياس، ورفضه العلاج الطبي الحديث، إنه "ستيف جوبز"، مؤسِّس شركة «أبل»، وبعد رحيله بأيام صدرت السيرة الذاتية له تحت عنوان "لقد أردت أن يعرفني أطفالي"، عن دار نشر سايمون آند شوستر.
عقيدة ستيف جوبز هي سبب وفاته
تناولت السيرة الذاتية التي حررها والتر إيزاكسون، رئيس تحرير مجلة تايم السابق، بعدما طلب منه جوبز ذلك حينما أحس بقرب وفاته، وفقًا للتقرير المنشور بجريدة الجارديان، وكشف التقرير أسرار معاناة مؤسس شركة «أبل» مع مرض سرطان البنكرياس، حينما رفض إجراء عملية لإزالته مبررًا ذلك بأنه لا يريد لحرمة جسمه أن تنتهك، مقررًا أن يعالج هذا المرض بالأعشاب والعلاج الطبيعى بناء على تعاليم العقيدة البوذية.
"لديّ بعض الأخبار الشخصية التي أحتاج إلى مشاركتها معكم، وأردت أن تسمعوها مني مباشرة، شخصت بنوع نادر من سرطان البنكرياس يمثل 1% من إجمالي أنواع سرطان البنكرياس التي تشخص سنويًا، ويمكن معالجته جراحيًا إذا شخص مبكرًا (كما في حالتي)، وقررت أنني لن أطلب العلاج الكيماوي أو جلسات إشعاعية"، كانت هذه الكلمات هي رسالة داخلية أرسلها ستيف جوبز إلى العاملين كافة في شركة «أبل» عبر البريد الإلكتروني في أغسطس عام 2004، وفي الواقع كان تشخيص جوبز بالمرض قد حدث عام 2003، ولكنه أخفى الخبر حتى لا يُثير قلق المستثمرين في شركته، إلى أن بدأت الشائعات حول مرضه في الظهور، التي أنهاها هو بنفسه بهذا الإعلان الواضح.
تفضيله العلاج بالأعشاب والوخز بالإبر
لم يدخر عبقري التكنولوجيا ومؤسس أبل شيئًا من إمكاناته وثروته لمحاربة السرطان، فبرغم ما يملكه من قدرة مالية كبيرة على شراء مستشفى كاملة لعلاجه أو تسخير كبار الأطباء لعلاجه والبحث وإنتاج أحدث العقاقير الطبية له، ولكن تفاجأ الجميع برفضه لكل هذا وتفضيله العلاج بالأعشاب والوخز بالإبر والعقاقير المصممة تبعًا لحمضه النووي.
من ناحية أخرى أخضع نفسه للعلاج بالإبر الصينية "آكيوبانكتشر" والأعشاب وعصير الفواكه، وأهمل نصائح أطبائه وعقاقيرهم، ووفقًا للكتاب فقد أظهر شغفه بالمعرفة الطبية، حتى إنه صار خبيرًا في معرفة الطب البديل من وخز بالإبر وأعشاب وتراكيب خاصة، فصار عالمًا بخصائصها ومنافعها وأضرارها وأعراضها الجانبية المثبتة والمحتملة.
على صعيد آخر وبعد عامين، في أغسطس 2006، ظهر ستيف جوبز في مؤتمر «أبل» السنوي للمصممين وقد فقد الكثير من وزنه وبدت عليه علامات الشحوب، لكن سرعان ما انشغل الجميع عن ذلك بالمنتج الجديد الذي أعلن عنه جوبز.
الطب البديل لم يثبت نجاحه
وبعد فترة من المواظبة على الأعشاب والوخز بالإبر أثبت الطب البديل أنه غير قادر على معالجة مرضه، وكان ذلك مصدر قلق لعائلته وأصدقائه، هذا ما دفع شقيقة ستيف جوبز أن تترجاه مرارًا وتكرارًا كي يخضع للجراحة ويتلقى العلاج الكيماوي وفقًا لنصيحة الأطباء، ولكنه كان يرفض دائمًا.
وأخيرًا وافق على الاستفادة من ثمار الطب الحديث بعد محاولات عديدة من عائلته، حيث وظف ثروته الطائلة في الحصول على آخر ما توصل إليه الطب الحديث، في الحصول على خارطة لحمضه النووي DNA من فريق مكون من أربعة من أشهر المؤسسات في تاريخ الولايات المتحدة، وهي "هارفارد" و"ستانفورد" و"جون هوبكنز" و"معهد مساشوستس للتكنولوجيا".
وأتاح هذا الطلب غير المسبوق للأطباء تفصيل عقاقير شخصية خاصة به، وغرضها الأول والأخير هو تعزيز نظام مناعته، والجدير بالذكر أن تصميم عقاقير وفقًا للحمض النووي هي البوابة التي سينفذ منها الطب الحديث في المستقبل إلى تحويل السرطان إلى مرض مزمن يمكن علاجه، ولكن أموال جوبز لم تجعله أول المستفيدين من هذا الاختراق في المعركة ضد السرطان.
خسر المعركة مع السرطان
ومع استمرار الضغوط عليه من قبل أصدقائه وعائلته أجرى جوبز الجراحة ولكن ذلك جاء متأخرًا، فكانت الخلايا السرطانية قد انتشرت في بقية الأنسجة، بشكل جعله حتى لم يقدر على صعود الدرج فى منزله فقرر أن يستقيل من منصبه فى 24 أغسطس الماضي، وقال جوبز حينها أنه لم يعد قادرًا على القيام بواجبات المدير التنفيذي.
وفي الخامس من شهر أكتوبر عام 2011 خسر معركته مع السرطان وتوفي جوبز، وأشارت مذكراته إلى ندمه على إيقاف العلاج الكيميائي واستبداله بالطب البديل في سنوات عمره الأخيرة.
ودفن بمراسم دفن محدودة في قبر بسيط بناءًا على طلبه في مقابر «ألتا ميسا» التذكارية غير الطائفية التي دفن فيها العديد من المشاهير، وأعلنت «أبل» أنها لن تقيم جنازة عامة لجوبز بناء على طلبه واحترامًا لخصوصية أسرته.