لدكتور علي فخري |
كتبت: مريم ضياء، ندى علاء
يُعد المجتمع المصري امتدادًا لأسلافه القدماء في الكثير من الأشياء فهناك الكثير من المعتقدات والأفعال توارثناها عن الأجداد دون معرفة سببها، واعتاد البعض على فعلها في حياتهم بشكل يومي دون معرفة ما إذا كان هذا التصرف له دلالات في الشرع والدين، أم لا؟
ما هو علم الطاقة؟
قالت مها العطار، خبيرة طاقة المكان، أن علم الطاقة يعتبر من العلوم المصرية القديمة، ويرتبط بحياة الإنسان منذ بداية الخلق، فكل شيء من حولنا عبارة عن طاقة، مثل الأجسام، الأشياء والعناصر، وهناك أنواع كثيرة من الطاقة، لكن طاقة المكان، أشمل وأعم وأكثر تأثيرًا على حياة الإنسان، وعلم الطاقة موجود في مصر القديمة منذ ٩ آلاف عام، فالمصريين القدماء هم أول من استخدموا الطاقة علي وجه الأرض في العالم كله، وظهر ذلك في بناء الأهرامات، والمعابد، والعمارة، وسر علم الطاقة اختفى مع الكهنة المصريين القدماء الذين كانوا يملكون هذا العلم للعيش في سعادة مع المكان والطبيعة والكون.
مها العطار |
وأضافت، "حتى البيت له طاقة تختلف من بيت إلى آخر وتؤثر بدورها على الإنسان وحياته كلها، ويمكن أن نشعر بها حين ننتقل من بيت إلى بيت"، وهو العلم القديم الذي استغله الملوك والأباطرة في التغلب على الخصم، ومن خلاله يمكن حسابة المكسب والخسارة في تحرك الجيوش وتوقع المستقبل .
استخدام الماء والملح
من ناحية أخرى أكدت خبيرة طاقة المكان، أن النصائح المتداولة بشأن استخدام الماء والملح غير علمية في الاستحمام أو اقتناء بلورات الملح، أو مسح المنزل بالماء والملح، أو الذهاب للبحر لتجديد الطاقة، ويرجع هذا نتيجة المعلومات الخاطئة التي يتم الحديث عنها فى الإعلام لغير المتخصصين.
ويعتقد بعض الناس أن الملح له فوائد في شفاء الأمراض، وطرد الطاقات السلبية من المكان، ولكن هذا ليس بشكل عام، فكل جسم له عناصره، وكل جسم له العلاج المناسب له، فقد يتناسب الملح فى مكان وقد لا يتناسب فى مكان آخر، وحقيقة المسح بالماء والملح لطرد الطاقة السلبية والجن ليست صحيحة لأن الملح هو غذاء الجن الذى يسكن أيضًا فى البحار المالحة وبالتالي، فقيامنا برش الملح يُغذي الجن.
كما حذرت «العطار» من وجود الآلات الحادة في المنازل لأنها تساعد على وجود الطاقات السلبية في المكان، ولا يجب استخدام المقص وشخص نائم في المنزل لأنها تتسبب في قلق وتوتر الجسم وقد تسبب الكوابيس، والمقص رمز القطع والعمليات الجراحية ووجوده باستمرار أمامك يُنشط طاقة الرمز للجراحة، ولا يجب فتحه في الهواء المطلق لأنه من أعمال السحر الأسود.
الخرزة الزرقا لا تمنع الحسد
وأما عن الاعتقاد بأن الخرزة الزرقا تمنع الحسد قالت «العطار»: "ثقافتنا بشكل عام تنتشر فيها فكرة العين الواحدة ودي دائمًا نحب أن نضعها لرد عين الحاسد".
مها العطار |
وأوضحت أن الحسد يُعد طاقة سلبية موجهة تخرج من الشخص للآخر، وليس هناك علاقة بين الحماية من الحسد واقتناء الخرزة الزرقاء بكل أشكالها، فالعين الواحدة لا تمنع الحسد بالعكس، من الممكن أن تجلب لك المشاكل، فهي تصنف لصد الحسد وطاقة الشر، إلا أن هذا الكلام طبقًا لعلم الطاقة خاطئ ويجلب الكثير من الطاقة السلبية؛ فالعين رمز لعدم الرؤية والبصيرة وتجعل الشخص مشتتًا وأيضًا رمز الدجال وكف اليد وهو الضرب وقرني الشيطان وغيرها فإنهما من رموز الشر.
«مسك الخشب» خط دافع لك ولأهلك
وأردفت خبيرة الطاقة ببعض المعلومات الخاصة بالإمساك بالخشب لمنع الحسد، حيث أفادت بأن الخشب بالفعل يمنع تلك الطاقة التي تتسبب في الحسد لذلك الصينيون دائمًا ما يرتدون "غوايش" خشب لسحب طاقة الحسد، فالخشب له قوة امتصاص كبيرة لأي طاقة حولك، فيجعل تلك الطاقة محظورة من اختراق جسدك إذا امسكت به، وأضافت: "لو أنت في مكان وعارف أنك هتتحسد فيه دور على خشب وامسكه".
سبب الإيمان بتلك الأفكار
من جانب آخر قال بسام شماع، المؤرخ وعالم المصريات وعضو الجمعية المصرية للدراسات التاريخية، أن حقيقة العين التي تحمي من الحسد كانت في مصر القديمة وجاء الإسلام ليرفضها، ويقر أن الحماية من الحسد تكون بالصلة مع الله وقراءة المعوذتين، وإيمان البعض بتلك الأفكار هو نتيجة الجهل.
بسام شماع |
وعن كسر القلة أكد أنه لا يوجد له علاقة بمصر قديمًا فلم يتم استخدام كسر القلة للتعبير عن التخلص من الشخص وعدم عودته مرة أخرى إليهم، مثلما يستخدم الآن، إنما كان كسر القلة هدف الكتابة على الفخار لأنه كانت قطعة رخيصة ومتوفرة من طمي النيل عند المصري القديم، وكان الفخار سهل الكسر ومتاح تصنيعه مرة أخرى.
وأما عن أربعين المُتوفى أفاد «شماع»، أنه قديمًا كان عند حدوث حالة وفاة يصبغون الفرش والمخدات باللون الأسود ويقلبون السجاجيد على ضهرها وكذلك النجف والشمعدان تلف بأقمشة سوداء، والزوجة التي توفى زوجها تمتنع عن الاستحمام، ولو كان لدى الميت فرس يركبه في حياته يقص ديله ويضع على سرج الحصان، ولا يصح إدخال السمك أو الفاكهة في بيت المُتوفى إلا بعد الأربعين، كما تستمر الإضاءة في غرفة المُتوفى 40 يومًا وهذا كان اعتقاد منهم أن روح المتوفي ستخرج من البيت بعد مرور أربعين يومًا، وهذه عادات خاطئة ولا نعرف أصلها وليس لها أى صلة بالإسلام ولا أي دين، فالإسلام لم يأمرنا بلبس الملابس السوداء عند حدوث حالة وفاة.
الحيوانات والخزعبلات
وأوضح المؤرخ وعالم المصريات وعضو الجمعية المصرية للدراسات التاريخية، بشأن الأفكار الخاصة بالحيوانات؛ أنه بالرغم من التعدد والتنوع الذي يميز عالم الحيوان، إلا أن بعض الحيوانات ارتبط وجودها بقدوم شيء مكروه وغير مرغوب فيه، فرؤية الغراب، أو البومة، أو القط الأسود مصدر للتشاؤم والنحس، فجميعها كائنات عادية؛ ولكن المصري القديم نسج في خياله فكرة إقترانها بحدوث الشيء السيء وأقنع نفسه أن رؤيتها مصدر للتشاؤم والنحس، ورافقت هذه الخرافة الإنسان المصري إلى يومنا هذا، ولكن ظهر العديد من الكُتاب أكدوا على عدم صحة ما يتداول بشأن هذا الموضوع، وقدموا دلائل عديدة لتكذيب تلك الخرافة.
وأشار «شماع» إلى أنه لا يوجد علاقة بين الغراب والنحس والتشاؤم سواء في مصر القديمة أو في الإسلام. ومن أبرز الدلائل في الدين الإسلامي قصة قابيل وهابيل، كمثال أثبت من خلاله أن الغراب معلمًا للبشرية.
وأكمل حديثه بشأن الخرافات المتداولة عن الحيوانات الأخرى مثل القط الأسود، فقال: "لو كل القطط السوداء في العالم من الجن، لكان العالم الآن مملوكًا للجن". مضيفًا: "في مصر القديمة كان هناك تقديس للقطط السوداء، وكانت تصمم لها تماثيل خاصة وتم اقترانها بالشمس والتي كانت إله في الدين المصري القديم وكذلك في فترة حكم الإغريقيين لمصر كان القط الأسود شيء مقدس بالنسبة لهم".
الإفتاء ترد على انتشار الخرافات
من جانبه قال الدكتور علي فخري، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن استخدام الخرزة الزرقاء من العادات التي يفعلها بعض الناس اعتقادًا منهم أنها تمنع الحسد، وهذا الاعتقاد غير صحيح شرعًا لأن النفع والضرر بيد الله- سبحانه وتعالى- وحده، أما بالنسبة لما يقوم به البعض من استخدامها بغرض التزين، فلا حرج في ذلك شرعًا.
كما أن التشاؤم برؤية مقص مفتوح ليلًا أو قطة سوداء ونحو ذلك من الخرافات التي لا أساس لها من الصحة فهي منهي عنها شرعًا، أما التفاؤل عند سكب القهوة وغيرها بنحو الطمع في كرم الله- تعالى- فهو أمر مستحسن ولا مانع منه شرعًا.
وعمل السبوع عادة اجتماعية اعتادها الناس، وتعد من مظاهر الابتهاج وليس في الشريعة الإسلامية ما يحرمه، وإنما يجب عند الاحتفال به مراعاة الضوابط الشرعية، وألا يعتقد أنها سنة تحل محل العقيقة.
من ناحية أخرى وعن الأربعين للميت، فإن كان مقتصرًا على الإطعام وقراءة القرآن فلا حرج في ذلك، أما إن كانت تُقام على هيئة مأتم كما في يوم الوفاة فهذا مكروه شرعًا.
وكان لديه رأي عن كثرة الإنجاب لترسيخ فكرة العزوة مع دعوة الشرع إلى التكاثر، حيث قال أن تنظيم النسل يُعد وسيلة لإخراج أجيال تأخذ حقها في الرعاية المتكاملة وتنال الاهتمام الكافي.
و بالنسبة لعادة الأرياف في زواج القاصرات أضاف قائلًا: "نحن هنا أمام مشكلة اجتماعية خطيرة، تفتقد في مظاهرها وممارساتها معنى الزواج السويِّ ومقومات استمراره، فقد نصَّ الفقهاء على أن الكفاءة حقٌّ أصيل للمرأة، لا يجوز حملُها على إسقاطه، ثم إنه ينبغي أن يكون المسلم صاحب عقلية بعيدة عن الخرافة التي حاربها الدين، وقد شنع العلماء على أصحاب الخرافات وأتباعهم وفوق أنه حرام فهو تصرف مخالف للعلم".
واتفق معه دكتور إبراهيم نجم، مستشار فضيلة مفتي الديار المصرية، حيث أفاد بأن المنفعة والضرر من الله وحده عز وجل فلا يصح أن نجري وراء الأوهام والدَّجَّالين، وإنما ينبغي على الفرد أن يُحَصِّن نفسه وأهله بقراءة القرآن والذكر والدعاء.
واستطرد بشأن المراد بـ"تنظيم النسل"، أو ما يُعْرَف بـ "تنظيم الأسرة" أنه يعني: أن يتخذ الزوجان باختيارهما واقتناعهما الوسائل التي يريانها كفيلة بتباعد فترات الحمل، أو بإيقافه لمدة معينة من الزمن يتفقان عليها فيما بينهما لتقليل عدد الأسرة بصورة تجعل الأبوين يستطيعان القيام على رعاية الأبناء من غير خَلَلٍ، وأنه بهذا المعنى أمر جائز، بل تدعو إليه ما دام هناك أسباب معتبرة شرعًا تدعو إلى تأخير الإنجاب مؤقتًا، وبشرط موافقة الزوجين عليه.
دكتور إبراهيم نجم |
وأضاف، " إذا كانت البنت قاصرًا فلا يجوز تزويجُها، وهو قول جماعة من الفقهاء، وبهذا الرأي استأنس القانون المصري في تحديد سن الزواج، كما نؤكد أننا نميل إلى بطلان هذا النمط من عقود الزواج لعدم توافر الشروط والأركان الحقيقية للزواج".
وعن السعي وراء الخرافات فحثَّ الإسلام على طلب العلم وتجدر الإشارة إلى أنَّ الفضل الوارد في طلب العلم لا يقتصر على العلوم الشرعية، بل يشمل كل علم نافع شرعي أو كوني أو غيرها.