أخر الاخبار

حياة من الصراع .. واقع المرأة المصرية بين الفرص والتحديات

 

حياة من الصراع

كتبت: أميرة جمال 

كثيرًا ما يتردد على أسماعنا بأن « المرأة نصف المجتمع» إن لم تكن المجتمع بأكمله، فهي السبب في وجود الابن والأب والابنه، لذا فهي تعد النواة الأساسية التي تتسبب في نمو الثمرة، ولكنها تعاني من الكثير من الأفكار المغلوطة الناجمة عن فكر ونظرة المجتمع لها. 

فلاتزال التحديات التى تواجهها المرأة فى مجتمعنا المصري تُعيق مشاركتها فى تنمية المجتمع وتحقيق تقدمه، علمًا بأن أغلب هذه المشكلات تمثل إرثًا ثقافيًا حمله المصريون فى تكوينهم الإدراكى جيلًا بعد جيل، ومن أبرز هذه التحديات ما يلى:

العنف ضد المرأة له عواقب سلبية على حياتها

صار العنف ضد المرأة أحد الظواهر التي يعاني منها مجتمعنا، وتُعرف منظمة الأمم المتحدة العنف ضد المرأة بشكل عام على أنه أي فعل عنيف تدفع إليه عصبية الجنس ويترتب عليه، أو يرجح أن يترتب عليه، أذى أو معاناة للمرأة، سواء من الناحية الجسمانية أو الجنسية أو النفسية، بما فى ذلك التهديد بأفعال من هذا القبيل أو القسر أو الحرمان التعسفي من الحرية، سواء حدث ذلك في الحياة العامة أو الخاصة، ومن ناحية أخرى يتضمن العنف ضد المرأة العنف الجنسي، والبدني، وكذلك العنف النفسي، والتحرش، ووأد الإناث، والقتل بقضايا الشرف، والإتجار بالنساء، ويترتب عليه عواقب سلبية على صحتها النفسية، والجنسية، والإنجابية في جميع مراحل حياتها.

ووفقا للإحصائية التي أجراها الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، فإن 10 % من النساء تعرضن للتحرش فى شوارع مصر، و7% تعرضن للتحرش فى وسائل النقل العام ، و18% تعرضن لعنف منزلى من أحد أفراد الأسرة.

الزواج المبكر.. صراع بين العرف والقانون

من ناحية أخرى وعلى الرغم من أن القانون المصري فرض عقوبات رادعة لتجريم زواج القاصرات الأقل من 18 عامًا، والتى تجمع بين السجن المشدد والغرامة، لكل من شارك فى الأمر سواء كان مأذونًا من خلال التلاعب بالأوراق والتزوير أو كان أهل الفتاة أو كل من شارك فى توثيق هذا الزواج ، إلا أن هذه الجرائم ما زالت تشهد تزايدًا مضطردًا فى المجتمع، وتأتى العادات والتقاليد والموروثات الثقافية فى مقدمة دوافع هذه الجريمة.

ووفقا لتقريٍر صادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عام 2017، فإن عدد حالات زواج القاصرات ارتفع ليصل إلى 118 ألف حالة زواج سنويًا بما يعادل نحو 40% من إجمالي حالات الزواج فى مصر من بينهم 1200 مطلقة وأكثر من 1000 فتاة أرمل، وإضافة إلى ذلك تكمن خطورة هذه الظاهرة فى أنها تمثل عائقًا أمام إتمام الفتيات لتعليمهن، وتتسبب في زيادة عدد المواليد بشكل كبير، وزيادة عدد أطفال الشوارع، إلى جانب زيادة معدلات الطلاق، وهي جريمة مستمرة تُمثل خطرًا على المجتمع ككل.

الحرمان من الميراث

وتُعد مشكلة الحرمان من الميراث من أكثر القضايا التي تعاني منها المرأة في مجتمعنا، حيث كشفت دراسة صدرت عام 2014 تحت عنوان «ميراث المرأة فى صعيد مصر بين الواقع والمأمول»، والتي تم إجراؤها فى محافظتي سوهاج وقنا، عن أن 95.5% من النساء بهذه المحافظات تم حرمانهن من ميراثهن فيما تم تعويض بعضهن بمبلغ بسيط من المال.

وفى دراسة أخرى، قام بها الدكتور عصام الزناتي،  عميد كلية حقوق جامعة أسيوط، عن حرمان أهل الصعيد للنساء من الميراث، أوضحت أن حرمان النساء فى محافظات الصعيد يحدث فى الأسر المسلمة والمسيحية على السواء، كما يحدث أيضًا بين الفئات المتعلمة تعليمًا عاليًا والمتمسكة بتعاليم الدين فى القرى والمدن، فيما أوضحت الدراسة أيضًا أن حرمان النساء من ميراثهن في الأراضي الزراعية يأتي في الدرجة الأولى، يليه حرمانهن من إرثهن في البيوت أو العقارات، وذلك فى محاولة للحفاظ على الأراضي الزراعية من التفتيت.

علاوة على ذلك ووفقًا لدراسة صدرت عن هيئة «care» فى إطار مشروع «سلامة وأمان»، وأجريت على 30 مجتمعًا بـ3 محافظات من الصعيد، هي المنيا وأسيوط وسوهاج، أوضحت أن الضرب وإهانة الزوجة والطلاق التعسفي وحرمان النساء من الميراث هي أكثر مظاهر العنف الأسري.

تناقص مساهمة المرأة في سوق العمل

 وتواجه المرأة بالفعل عقبات أكثر من الذكور حال التحاقهم بسوق العمل الرسمي، وهي أكثر عرضة للبطالة بعد انضمامها لسوق العمل، حيث يُوجد ارتفاع كبير في معدلات بطالة الإناث مقارنة بالذكور، ففي حين يصل معدل البطالة بين الإناث إلى 17.8% عام 2020، وصل معدل البطالة بين الذكور إلى 5.2%، وهو ما يعني أن معدل البطالة بين الإناث يُمثل أكثر من ثلاثة أضعاف معدل الذكور، الأمر الذي يُكرس الفجوة وعدم المساواة بين الجنسين.

وفى عام 2020، قدر البنك الدولي مشاركة المرأة في سوق العمل بنحو 23.7% وهي النسبة الأعلى مقارنة بقرابة 23.5% في عامي 2017 و 2018، و 23.6% في عام 2019، وهي نسبة قليلة مقارنة بمعدلات مشاركة الذكور.

اختلال بين تمثيل المرأة فى القطاع الحكومي والقطاع الخاص

  تُفضل المرأة العمل في القطاع العام، وُيُعزَى ذلك إلى عوامل متنوعة، منها أن ظروف العمل في القطاع الخاص لا تُلبي متطلبات النساء من حيث الأمان الوظيفي، ساعات العمل، فرص الترقي، من ناحية أخرى ومن الأسباب أيضًا تحيُّز القطاع الخاص المناهض لتشغيل النساء، وذلك بسبب التكاليف المتصورة المرتبطة بتشغيل النساء.

وفيما يتعلق بالقطاع الحكومي، بلغت نسبة مشاركة النساء 25.4% في عام 2016 \ 2017 ، بينما انخفضت نسبة مشاركة المرأة فى القطاع الخاص لتصل إلى 14.8% مقارنة بنحو 85% للذكور داخل المنشآت و13.3% مقارنة بنحو 86.7% للذكور خارج المنشآت.

ولهذا تُعد نسبة مشاركة المرأة فى القطاع الخاص ضئيلة، مما يتطلب تدخلات لتشجيع القطاع الخاص على تعزيز نسبة مشاركة المرأة في هذا المجال، كما تحتاج إلى بذل مزيد من الجهود لمعرفة التحديات، التي تواجهها المرأة للمشاركة في القطاع الخاص، والتي تنقسم إلى نوعين من التحديات، وتتمثل في تحديات تتعلق بمناخ العمل بما يتضمنه من لوائح و قواعد قد لا تتناسب مع ظروف المرأة، بجانب القوانين التي تحكم عمل هذا القطاع والطابع الثقافي الذي يغُلب على المجتمع ومن ثم ينعكس على فكرة التوجه لشغل المرأة للوظائف في القطاع الخاص.




حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-